Atwasat

ليبيا: الفرارُ مِن جهنمْ !

أحمد الفيتوري الأحد 04 يناير 2015, 11:50 صباحا
أحمد الفيتوري

1 -
في محطةٍ تلفزيونيةٍ عربية جَرى حوارٌ مع المُناضل الليبي محمد يوسف المقريف أثناءَ الحربِ ضد النظام الفاشي أيام ثورة فبراير الأولى، سألَ المذيعُ الأستاذ المقريف: لماذا لم تَعُدْ إلى بلادك حتى الآن وقد مرّ وقتٌ على قيام الثورة؟ أجابَهُ بأنهُ يخاف على نفسه من زبانيةِ القذافي الذين يطاردونهُ ويطلبونهُ حتى الساعة (أو كما قال)، علق المذيعُ مُستغربا ولكن أهلك يُقتلون أثناء حديثنا هذا في إجدابيا!. كان الدكتور محمد المقريف قد قضى عقوداً في مُعارضةِ القذافي ونجا من محاولة اغتيال ومن مُطاردات عِدة.

مُنذ ذلك تحقق ما عمل من أجله المناضلون الليبيون في الداخل والخارج حيث أسقط الشعب الليبي النظام، لكن توكد الجميعُ أن مسألة إسقاطِ النظام مسألةٌ سهلة - وكانت عند الكثيرين من المُستحيلات الأربعة- أمام إعادة بناء البلاد، وتوكدت نُبوءة الديكتاتور أن بعد إسقاطه ستعم الفوضى حيث عمل ورثته خاصة المتطرفين منهم على توكيد ذلكم، وتم لأجل ذلك-أيضا- الاستعانة بحلفاء دوليين.

أمسى الليبيون في ظلام دامس، في عمى طرف الأخوان يقود فجر ليبيا بالحرب، طرف يقوده الفجر إلى حيث يتمكن في الشتات، وطرف يذود عن الحياض

الآن مرّت سنوات أربع- تقريبًا- على ذلك الحوار ومن ثم على إسقاط النظام، لكن الفأر ولد فيلا فالمُشكل تفاقم والفرار من السفينة الغارقة زاد عن أي حد متصور، فأبناء نوح من يطلب جبلا يؤويه أكثر ممن يصمد في السفينة مُحاولا إطفاء الحريق، هكذا تحول الكثيرون من الشعب الليبي إلى الشتات بعد خلاص الفلسطينيين من هكذا تسمية طاردتهم. و مما زاد الطين بلة أن من فر من جهنم/ ليبيا من نُخبة معارضة- كانت قد عادت إلى البلاد غِبّ الثورة- نسي نضالهُ وموقفه من أجل بناء ليبيا، ما قدَّم من أجله الجزء الأكبر من عمره وجهده وماله وحتى أولاده، عاد إلى منفاه المختار طيعا، لسان حاله يا دار ما دخلك شر.

غدت ليبيا وادي جهنم، أمسى الليبيون في ظلام دامس، في عمى طرف الأخوان يقود فجر ليبيا بالحرب، طرف يقوده الفجر إلى حيث يتمكن في الشتات، وطرف يذود عن الحياض، لكن من فرّ كأنما به مس، غاب عن وعيه وغاب الوعى عنه، واتخذ من شاشات التلفزيونات والانترنت والفيس بوك وما شابه جبلا يؤويه، كأنما ليبيا لم تعد تعنيه أو أنها إيبولا يمكن أن تعديه وإن عن بعد، وبات النشيد الوطني ما ردده حتى الثمالة سكرة كابوس.

2 -
مدينة بنغازي منذ سنوات والحرب تدور فيها وحولها للاستيلاء عليها وكأنما هذا لا يعني كل الليبيين، لا أحد عمل من أجل النازحين من مدينة بنغازي ومن فُجرت بيوتهم، بل و لا حتى أهلها من فروا من جهنم الذين لم يعد يهمهم أمر البلاد ولا العباد، لا أحد يفعل شيئا،لا أحد يتظاهر ضد إخوان ليبيا من يجعلون ليبيا كأرض قاعدة للإخوان في المنطقة ولأجل ذلك يتحالفون مع الشيطان (داعش). ولم نسمع أحداً أصدر بيانا-مثلا- ضد التفجير الإرهابي الذي طال مجلس النواب، و لا من كتب قصيدة أو أقام صلاة أو جنازة لمن يقتلون صباح مساء من إخوته وأخواته ومن أبنائه وبناته وجيرانه.

كل ما يفعله الفارون من جهنم ألا يلتقوا، وأن يفر بعضهم من بعض، وأن ليس ثمة شيء ليبي يستحق، فالليبيون حسب هؤلاء الليبيين من سفلة البشر

وكل ما يفعله الفارون من جهنم ألا يلتقوا، وأن يفر بعضهم من بعض، وأن ليس ثمة شيء ليبي يستحق، فالليبيون حسب هؤلاء الليبيين من سفلة البشر، وإن فعلوا ففي القاهرة ستتبوأ «بوابة الوسط» مسألة مركز إعلامي لا وجود له، وصراع ديكة حول مرتب يقارب 13 ألف دولار لمن يفلح في الحصول على إدارة ما ليس بموجود، وإن فعلوا تظاهروا من أجل تأخيرالمنحة الشهرية التي حصلوا عليها باعتبارهم طلبة، وأغلبهم يعلم الله كيف تمكنوا من أن يُبعثُوا!!، وإن فعلوا جعلوا ليبيا بلادا للفيء؟.

3 -
ليس ثمة وقت وتم تضييع الجهد وبدد المال ولهذا عاجلا علينا أن نعمل من أجل جمعية للصحفيين الليبيين، جمعية للقانونيين الليبيين، جمعية لنُشطاء المجتمع المدني، جمعية للكُتاب والشعراء وللفنانين، وأن نعقد مُلتقىً وطنيا عاجلا يجمع الكل دون شروط، ودون أحلام، فقط من أجل الحد الأدنى من المُشترك بين القوى الوطنية، علينا جميعا دون استثناء العمل من أجل ملتقى إنقاذ ليبيا.