Atwasat

قبح وظلم التأويل النمطي (9)

محمد عقيلة العمامي 2 يوم
محمد عقيلة العمامي

في المعنى الدلالي لكلمة (فحل) نجد أنها تعني الرجل الشاعر البارز، أما عندما يطلق على الأنثى (فحلة) فتعني المرأة سليطة اللسان! إن الدلالات الموجبة لكلمة ما، هي محتكرات ذكورية. أما إن بانت على أنثى فتصبح كيدًا نسويًّا، «يستشهد به على خبث رؤوسهن». وجسد المرأة محصور في مهمة واحدة وهي إرسال الإشارات المثيرة الشبقية.

والأستاذ الغذامي، يستهل القسم (12- الأنوثة المحرفة) ويوضح لنا هذا التحريف مستدلًا، بطوق حمامة ابن حزم، الذي يقول إن سوء ظنه بهن مرجعه أن طفولته كانت معهن، ولذلك يرى أنهن جنس بشري محصور القيمة في النكاح ودواعيه، وبالتالي تكون غايتهن هي كل ما يوفر لهن الزينة، والرقص، وإغواء الذكر!
وحتى إن كانت إحداهن موهوبة بالفعل، فلابد أن يكون لها مؤهلات هي أساس وجودها في حريم السلطان.

وهكذا كانت أمثلة ابن حزم، فما شاهده على نسوة محددات ـ من حريم السلطان ـ صار نموذجيًّا نوعيًّا للنساء كافة! قياسه، إذن، كان ما شاهده في ذلك المكان المعد أساسًا لغرض واحد! باعتبار أن قياسه لهن كان على أمثلة فردية، جعل منها مقاسًا عامًّا واحدًا، فالمرأة صَورتها - الثقافة العربية - كيانًا واحدًا قياسًا لحالة واحدة.

وذلك مختلف تمامًا في مسألة الرجل لأن الثقافة تنظر إليه باعتبار أنه ذات مستقلة. وأن أي فعل، من رجل لا يمثل الرجال كافة؛ لأنه جسد وعقل والفعل منها نسبي وذاتي واحتمالي، أما الأنوثة فهي جنس واحد، ونوع واحد، وشعور واحد، وما تفعله واحدة يكون نمطيًّا لهن كافة!

ويورد، الأستاذ الغذامي في معرض حديثه عن الرأي السابق ذكره، عن - سوء ظن ابن حزم - في بعض النساء، فيعممه كسلوك افتراضي للنساء كافة، فيقول عنه: ما رآه يعممه على النساء كافة، «وإنك لترى المرأة الصالحة المسنة، المنقطعة الرجاء من الرجال، أن أحب أعمالها إليها، وأرجاها للقبول عندها، سعيها في تزويج يتيمة من باب فعل الخير، ولكن ذلك ـ فحسب - من باب التشوق للنكاح ودواعيه..>>.

وعلى الرغم من أن ما ذكره هو سلوك يكاد المرء يراه أو ينتبه إليه، المتابع للحياة العاطفية والجنسية للنساء، بسبب تكراره، حتى يقتنع بالفعل أن العجائز يهتممن كثيرًا بمثل هذه الأمور، ويتطاول الكثيرون من متابعي هذا السلوك، في عصرنا، باتهامهن بأمور تدخل في المجون وتسهيل العلاقات المحرمة. وفي تقديري أن اهتمامهن بهذا الأمر يعود إلى تجارب حرمان، حتى من العلاقات البريئة، التي فرضت عليهن، من الذكور، في شبابهن. وكيفما يكون الحال خلاصته تسلط ذكوري ينظر إلى الأمور من زاوية واحدة، خلاصتها أنهن كائن يتعين أن يكون بحسب ما ورد في ثقافة الوهم هذه.

(وباختصار شديد، يستطيع المهتم أن يعرف أدق تفاصيله بما ورد في كتابنا هذا، بصفحة 79 تحديدًا، ففيها يرى المؤلف أن عمليات التأويل النمطي ترى أن الجسد المؤنث جسد غير عاقل - مفرغ من العقل!- ولذلك فهن متفرغات البال، سلبيات، لا يعقلن ما يفعلن! وحتى ما يبدو فعلًا حميدًا فهو ليس كذلك). هذا الرأي يرى الأستاذ المؤلف أنه ما تضمه حكايات ألف ليلة وليلة، مستدلًا بما ورد في هذه الحكايات من كيد النساء السالبة والموجبة مبرزًا تأويل حتى الرأي الجيد منهن ليكون رايًا أحمق، لأن (المفعول العقلي واللغوي محتكرات ذكورية.. إن ظهرت علامات الدهاء والذكاء على جارية... فإن فعلها يصبح كيدًا نسائيًّا يستثمر للاستشهاد به على خبث أفكارهن!) لأنه وباختصار شديد تمنع الثقافة الجسد المؤنث من حقه الطبيعي في إرسال إشارات عاقلة! فماذا نتوقع بعد ذلك؟.