Atwasat

الاستراتيجية المروّعة للدولة الإسلامية

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 23 نوفمبر 2014, 04:37 مساء
القاهرة - بوابة الوسط

يتمثل أحد محاور استراتيجية الرئيس أوباما لهزيمة جماعة «الدولة الإسلامية (داعش)» في حشد مقاتلي القبائل السنية للانضمام إلى الجيش العراقي من أجل استعادة السيطرة على محافظة الأنبار وغيرها التي يهيمن عليها السنّة. ولكن هناك بحث جديد يبيّن أن الجهاديين كانوا يعملون منذ عام 2009 إلى تحطيم القيادة القبلية السنيّة التي كانت تعتمد عليها خطة أوباما، بما يجعل حملة الولايات المتحدة أكثر صعوبة بكثير.

يريد الخبراء الاستراتيجيون الأميركيون إنشاء نسخة من «الحرس الوطني» من ميليشيا قبلية تُعرف باسم «الصحوة»، حيث كان لها الفضل عامي 2007 و2008 في سحق تنظيم القاعدة في العراق الذي يُعد سلف جماعة الدولة الإسلامية. ولكن تشير الأدلة التي تم التغاضي عنها إلى أن الجهاديين قد عملوا بشكل منهجي على تدمير الصحوة واغتيال زعماء القبائل الذين قد يتحدون حكمهم.

وتعتبر حملة الترهيب الطويلة للجهاديين ضد القبائل السنيّة تأكيدًا آخر لما ذكره لي مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر في سبتمبر

وتعتبر حملة الترهيب الطويلة للجهاديين ضد القبائل السنيّة تأكيدًا آخر لما ذكره لي مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر في سبتمبر من أن الولايات المتحدة «استخفَّت» بجماعة الدولة الإسلامية. وصرّح أوباما لاحقًا لبرنامج «60 دقيقة» الذي تبثه شبكه «سي بي إس» التلفزيونية أنه يتفق مع نقد كلابر.

على الرغم من هذا الأسف، فإن مخططي الولايات المتحدة يرتكبون خطأً مشابهًا في الشرق الأوسط وأفريقيا بافتراضهم إمكانية بناء شبكات قبلية بسرعة. فيعتقد مسؤولون أميركيون أن الدعم السنيّ قد اكتسب زخمًا مع الإطاحة برئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي. وهذا صحيح، ولكن قتال الجهاديين سيصبح مهمة طويلة وشاقة.

قام كريج وايتسايد، وهو ضابط سابق في الجيش الذين قاتل في العراق ويدرس في كلية الحرب البحرية الآن، بجمع البحث الذي يوثق هجوم الدولة الإسلامية على القبائل السنيّة. وتشير تقديراته إلى تعرض 1.345 عضوًا على الأقل من قوات الصحوة للقتل في العراق منذ العام 2009 على يد الدولة الإسلامية أو منظمات سابقة لها. وكتب وايتسايد على مدونة عسكرية تُدعى «War on the Rocks» يقول: «في المناطق السنيّة التي لا تتمتع فيها الحكومة العراقية بأي سيطرة تذكر، لم تستغرق الدولة الإسلامية وقتًا طويلًا للتخلص من المقاومة دفعةً واحدةً بشكل بطيئ ومنهجي».

وساق وايتسايد مثالاً بالبلدة الاستراتيجية «جرف الصخر» التي تقع في جنوب بغداد، حيث لقي 46 عضوًا من الصحوة مصرعهم في 27 حادثًا مختلفًا بين عامي 2009 و2013. وكان من بين القتلى أربعة شيوخ من قبيلة الجنابي المحلية. ويتابع وايتسايد قائلًا: «كانت هناك عمليات قتل مماثلة في أنحاء المناطق السنيّة في العراق لكنّها لم تُذكر من قبل الحكومة العراقية أو في وسائل الإعلام».

استشهد وايتسايد في تقريره بشريط فيديو مروع بعنوان «صليل السيوف» يوثق فيه الجهاديون حملة اغتيالاتهم.

واستشهد وايتسايد في تقريره بشريط فيديو مروع بعنوان «صليل السيوف» يوثق فيه الجهاديون حملة اغتيالاتهم. ونرى في الفيديو سلسلة من الاغتيالات، مصحوبة بموسيقى إسلامية بطولية، حيث يقوم مقاتلو الدولة الإسلامية بإطلاق النار من سياراتهم على مركبات محددة تسير في الطريق أو على أشخاص معينين يمشون في الشارع. وكما يقول أحد الكتاب العرب ممن تُرجمت كلماتهم إلى الإنجليزية: «الأسود الجائعة تطارد فرائسها». ومن الواضح أن المعلومات الاستخباراتية للقتلة تتسم بالدقة.

واستهدف المقاتلون الإسلاميون أيضًا الشرطة العراقية ووحدات الجيش في المناطق السنية وبغداد نفسها، وذلك منذ أكثر من عامين. وزعمت الدولة الإسلامية في بيانات لها صدرت في فبراير 2013 أن الجماعة نفذت 37 هجمة في بغداد و 43 عملية اغتيال في مناطق أخرى من العراق في النصف الثاني من العام 2012. ولم ينجح المحللون الأميركيون في رؤية هذه العاصفة الشديدة.

وعندما اكتسبت حملة الدولة الإسلامية زخمًا وقوةً ضد القوى القبلية السنيّة في العام 2012 والعام 2013، بدأت في تقديم العفو عن السنّة الذين كانوا جزءًا من ميليشيا الصحوة أو قوات الأمن العراقية. ويُظهر شريط الفيديو الجهادي عشرات من السنة الذين يعيشون «فرحة التوبة» في قاعة بالأنبار حيث يقرأون نصًا يتعهدون فيه بتوبتهم وندمهم ثم يعانقون الجهاديين الملثمين على خشبة المسرح واحدًا تلو الآخر.

(خدمة واشنطن بوست)