المقاومة الفلسطينية، وفي صدارتها كتائب عز الدين القسام (حركة حماس) وسرايا القدس (حركة الجهاد الإسلامي) لا تتصدى فقط لجيش العدوان الصهيوني (الذي يصنف على أنه أقوى جيش في المنطقة) بشكل مباشر وتلحق به ضربات موجعة لم يتكبدها في تاريخه، وإنما تتصدى أيضاً، بشكل شبه مباشر، للولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، ودول أخرى.

وهذه المقاومة تتميز عن أية مقاومة في التاريخ الحديث بكونها تصنع أسلحتها، لأن ورود الأسلحة إليها من مصادر خارجية شبه مستحيل.
فلم تكن الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي تصنع أسلحتها ولا تواجه قوى أخرى غير فرنسا، ولا المقاومة الفيتنامية ضد الغزو الأميركي كانت تفعل ذلك، وكانت تواجه أميركا فقط. كما كان السلاح يتدفق على الفييت كونغ وجمهورية فيتنام الشمالية الداعمة لهم من الاتحاد السوفييتي والصين.

ورغم ذلك لا يستطيع أحد، مهما بلغ به التصهين، أن ينكر، بمن في ذلك قادة عسكريون كبار فيه سابقون وحاليون، أن هذا الجيش، الأقوى والأعتى في المنطقة، قد تعرض لهزيمة نكراء أربكت الكيان الصهيوني برمته على جميع المستويات، وفي صدارتها المستوى السياسي حيث صار بعض القادة السياسيين والعسكريين يرون أن المسار ينذر بزوال «إسرائيل» وطمر المشروع الصهيوني تحت ركام التاريخ.

إضافة إلى ذلك، زعزعت المقاومة العلاقة العضوية بين الكيان الصهيوني وداعميه، وبالذات الولايات المتحدة الأميركية «العراب الاستعماري» لهذا الكيان. ومعروف ما أثارته تصريحات نتنياهو الأخيرة إزاء الرئيس الأميركي جو بايدن من استياء وغضب لدى الأوساط السياسية الأميركية الداعمة لـ«إسرائيل» حيث عُد نتنياهو ناكراً لجميل الولايات المتحدة الأميركية، الراعي الأكبر للكيان، وفضلها عليه وعلى الكيان الذي يترأس حكومته الآن.

وإذا ما تطورت الأحداث شمال فلسطين وجنوب لبنان وتدحرجت بحيث يغامر الكيان الصهيوني الذي أعمته الهزيمة بالدخول في حرب شاملة فإن هذا يعني التدخل الأميركي المباشر دعماً ودفاعاً عن هذا الكيان وقد تضطر إيران إلى التدخل العسكري الفعلي عن طريق قصف مدن الكيان وقواعده ومنشآته العسكرية والحيوية بالصواريخ والمسيَّرات من داخل الأراضي الإيرانية. كما أن هناك احتمالاً أن تتدخل تركيا وروسيا والصين، على نحو ما. وفي جميع الأحوال ستكون «إسرائيل» الخاسر الأكبر في هذه الحرب ويصبح وجودها موضع تساؤل.