Atwasat

ليكُن التوسع الأميركي لصالح الليبيين

أمين مازن 4 أيام
أمين مازن

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عزمها على توسيع وجودها الدبلوماسي بليبيا معللة ذلك بمقاومة التمدد الروسي الذي رأت فيه أميركا ما يستدعي التصدي، مستبعدة من دون شك ذلك الصراع الذي احتدم عقب الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء المنتصرين في الحرب، عندما انصرفت روسيا لتأسيس المنظومة الاشتراكية، فيما تبنّت أميركا الدفع بالشعوب التي تحررت من دول المحور لتسعى إلى الاستقلال اعتماداً على الدعم الغربي وبالذات الأميركي لتوفير ما كانت تحتاجه من المساعدات المالية والفنية وحتى الدفاعية، فأُبرمت أكثر من معاهدة بين أميركا من جهة، والدول حديثة الاستقلال من جهة أخرى، معاهدات أُطلِقَ عليها أكثر من عنوان وتصدى لها أكثر من تيار ولا سيما عندما احتاجت بعض الشعوب للسلاح والذي ساهمت روسيا في تقوية ترسانته وتيسير شروط بيعه وربما التدريب على استعماله، لا سيما عند اشتداد المعارضات الشعبية للوجود العسكري الغربي. إنها المعارضة التي لم تدرك أن أي حاملة طائرات من تلك الحاملات العملاقة التي أوجدها التطور التقني، صارت تغني عن أي قاعدة من قواعد العالم الثالث، إنها التطورات التي انتهت بتفكيك المنظومة الاشتراكية وتضاؤل الدور الروسي بل غيابه، والذي تزامن مع زوال الأنظمة الشمولية وزوابع الربيع العربي الذي دفعت ثمنه ليبيا غالياً ولا يزال الخروج من آثاره بعيد المنال، لولا أن التمدد الروسي في أفريقيا على حساب فرنسا قد يكون أملى مراجعات جديدة ومتغيرات مختلفة أملت هي الأخرى من بين ما أملت هذه العودة الأميركية التي يرى فيها بعض متصدري المشهد الليبي ما يشبه البشارة التي يرون من خلالها أن آجالهم ستطول وأن دورهم سيستمر؛ إذ ليس في حساباتهم أن أوراق اللعب لا تكون رابحة باستمرار، فثمة شيء يُسمى الأوراق المحروقة وأن تكرار الأخبار المتعلقة بمقابلات الدبلوماسيين ولا سيما الأمريكيين قصد الاستقواء لا يعني أن الأمور ستكون كذلك، فمنذ أواخر الستينيات ولمجرد اليأس من إمكانية تحقق المطلوب على يد الملك إدريس كان ما كان في ذلك الخريف، وحين لم يستوعب صاحب الأربعة عقود الدرس كانت الكارثة التي لم ينجُ أحد من تسديد فاتورتها والتي انتهت بالاجتماعات التي جاءت بأكثر من سلطة لم تفعل غير هدر المال والاستئثار به.

ولن يكون للدبلوماسية الأميركية وهي تستعد لتوسيع وجودها من عذر في كبح جماح متصدري مشهدنا من العبث بأموالنا وإنصاف ضعفائنا من مغتصبينا، فالمواطن الليبي لم يعد له من مطلب أكثر من أن يُطعَم من جوعٍ ويؤمَن من خوفٍ، وليس للولايات المتحدة ما تهديه لليبيين أكثر من هذه الخطوة.