Atwasat

هل تضيع فرصة «القفز الآمن»؟

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 02 يونيو 2024, 02:09 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

تقول طرفة عربية قديمة إن زوجا رأى زوجته تصعد السُلم، فقال لها: «طالق إن صعدت، وطالق إن نزلت، وطالق إن وقفت»! فما كان منها إلا أن قفزت من فوق السلم.
هذا الوضع ينطبق، إلى حد كبير، على حالة الكيان الصهيوني الراهنة.

فجيش الكيان يخوض في قطاع غزة حربا خاسرة من الناحية العسكرية، ودولة الكيان لا يمكنها تحمل حرب استنزاف فادح طويلة الأمد. ذلك أن جيشها مبني، مثلما عبر الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني العميد إلياس حنا، على أساس خوض حروب خاطفة، تكون له فيها اليد الطولى، ونضيف أنه يخوضها خارج حدوده.

كما أنه لا يمكنه الانسحاب، لأن هذا يعني توليا على أعقابه، والاعتراف بأنه تكبد هزيمة مذلة، وأيضا لا يمكنه الوقوف بسبب أن هذا يعرضه إلى استهدافات بالغة الأذى، وإمكانية القفز غير واردة. والجيش هو الذي يتحمل، في النهاية، المسؤولية كاملة عن الفشل. إخفاق جيش العدوان الصهيوني في تحقيق أي انتصار عسكري حقيقي، بسبب عهد نتنياهو إليه بإنجاز أهداف غير ممكنة التحقيق، أحدث شرخا بين المؤسسة العسكرية (المسؤول الميداني) والمؤسسة السياسية (راسمة الاستراتيجيات). كما أحدث ذلك أزمة وانقساما داخل المؤسسة السياسية نفسها ومجتمع الكيان.

إلا أن الطرح الأمريكي، الذي ورد أخيرا على لسان الرئيس الأمريكي بايدن، قدم لنتنياهو إمكانية القفز الآمن الذي ستتلقاه فيه «العناية الأمريكية».
وعلى الرغم من أن هذا الطرح، مثلما أعلن بايدن نفسه، طرح «إسرائيلي» بالأساس، إلا أن نتنياهو أعلن رفضه له، ولم تصدر، حتى كتابة هذه السطور، موافقة رسمية عليه.

البعض يعزو ذلك إلى أن نتنياهو يماطل انتظارا لما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، المتوقع أن يفوز فيها ترامب الداعم والمؤيد للكيان الصهيوني وخططه الاغتصابية التوسعية تأييدا مطلقا.

أمام استحالة الصعود والنزول والوقوف، وحتى القفز، لم يبق أمام نتنياهو سوى الطلاق!

ذلك أن المعارضة السياسية داخل الكيان ستدعو إلى انتخابات مبكرة من المتوقع أن تفضي إلى سقوط نتنياهو، والمجيء بحكومة جديدة، صهيونية في عمومها بالتأكيد، إلا أنها، خصوصا بعد هذه التجربة المريرة، ستكون أكثر واقعية، وتقبل بشروط المقاومة الفلسطينية بشأن إيقاف الحرب، وتبادل الأسرى والرهائن من الجانبين، وانسحاب جيش العدوان الصهيوني من كامل قطاع غزة.