Atwasat

مشروع التهجير المبيَّت

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 18 فبراير 2024, 07:52 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

ينحو كثيرون منا باللائمة، بخصوص عمليات الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري الجارية في قطاع غزة الآن من قبل «دولة» الكيان الصهيوني، على كتائب عز الدين القسام (الذراع العسكري لحركة حماس) وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى لإطلاقها عملية «طوفان الأقصى»، التي أحب أن أسميها «العملية الإعجازية» في السابع من أكتوبر 2023.
وهذا المنحى خاطئ تماماً، والدلائل الأولية على خطئه أن ما تقوم به الآن «دولة» الكيان الصهيوني في محاولتها إفراغ قطاع غزة من سكانه، عن طريق الإبادة الجماعية والاقتلاع، لا يمكن أن يكون قد جرى «ارتجاله» في غضون أربع وعشرين ساعة، كما أن «دولة» الكيان الصهيوني هي «الدولة» الوحيدة في العالم التي ليست لها حدود سياسية معلنة، ما يدل على النية التوسعية لدى راسمي سياساتها، يضاف إلى هذا التوسع في إقامة المستوطنات (= المغتصبات) اليهودية على الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967.

الكيان الصهيوني يستهدف محو اسم فلسطين من خريطة العالم وإفراغ فلسطين من سكانها الفلسطينيين. والدليل على ذلك أن الإعلام الصهيوني يشير إلى السكان الفلسطينيين على الأراضي الفلسطينية التي احتلت سنة 1948 بـ«عرب إسرائيل». أي أنهم مجرد مجموعة عرقية (= إثنية) عربية وليسوا فلسطينيين. ذلك أن الدعاية الصهيونية المدعومة من الإعلام الغربي الاستعماري الإمبريالي تروج لأكذوبة أن فلسطين كانت خالية من السكان قبل هجرة اليهود إليها وإقامة «دولة» الكيان الصهيوني. تلك الأكذوبة القائلة «أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض».

وإذن، فهدف إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم مبيَّت ومخطط له منذ أكثر من خمس وسبعين سنة، وكان سينفذ على مراحل حسب الظروف السياسية القائمة في المنطقة والعالم. ويبدو أنه كان سيُشرع في تنفيذه بعد استكمال «التطبيع» مع الدول العربية المؤثرة في المنطقة، تلك التي لها حدود مباشرة مع فلسطين وتلك البعيدة قليلًا، وبالذات بعد انضمام السعودية إلى قافلة «المطبعين» هذه.

ويجري منذ فترة الحديث عن تهجير الفلسطينيين وتوزيعهم على بعض الدول العربية والأفريقية.

ويبدو لي أن أخذ المقاومة الفلسطينية زمام المبادرة بإطلاق عملية «طوفان الأقصى» كانت استباقاً لهذا المشروع لإحباطه، من جهة، ولفضحه، من جهة أخرى.