Atwasat

شولات البرتقال

محمد عقيلة العمامي الإثنين 29 يناير 2024, 03:21 مساء
محمد عقيلة العمامي

كاتبة وفيلسوفة أميركية، روسية الأصل كان اسمها «أليس أوكونور»، مولودة في «سانت بطرسبرغ» يوم 2/2/1905، وتوفيت يوم 6/3/1982، استبدلت باسمها الروسي اسم «أيان راند - Ayn Rand»، وعُرفت به في المحافل الأدبية، ولها العديد من الكتب، ونالت الكثير من الجوائز. وقد اشتهرت بتطويرها نظاما فلسفيا أطلقت عليه اسم «الموضوعية»، وألفت روايتين بالإضافة إلى مسرحيتين على مسارح برودواي، ولكن شهرتها الواسعة تحققت بعد نشر روايتها «المنبع» في العام 1943.

في العام 1957، نشرت عملها الأكثر مبيعًا، وهو رواية «حينما هز أطلس كتفيه». بعد ذلك، وحتى وفاتها في العام 1982، تحولت إلى كاتبة مقالات فلسفية وأدبية عبر المجلات الشهرية المتخصصة.

دعت «راند» إلى توظيف العقل بوصفه الوسيلة الوحيدة لاكتساب المعرفة، وانتقدت بشدة اللجوء إلى القوة بوصفها أمرا غير أخلاقي، ورفضت التجمعية وسيطرة الدولة، ودعمت الرأسمالية الحرة التي عرفتها بأنها «النظام القائم على الاعتراف بحقوق الفرد، بما في ذلك حقوق الملكية الخاصة»، وتجاوزت مبيعات الكتب التي ألفتها نحو 37 مليون نسخة.

تعد روايتها «حينما هز أطلس كتفيه» عملا رائدا بحق، وخلاصة موضوعه هو «دور العقل في وجود الإنسان»، فعرضت فلسفة أخلاقية جديدة همها الاهتمام الذاتي الرشيد. وعلى الرغم من عديد التقييمات السلبية، أصبحت «حينما هز أطلس كتفيه» رواية دولية، وبيع منها نسخ كثيرة، ولكن رد فعل النقاد تجاه الرواية أثار تشاؤم «راند»، التي تعد هذه الرواية آخر أعمالها الروائية المكتملة، حيث كانت نهاية مسيرتها في الكتابة الإبداعية، وبداية دورها كفيلسوفة شهيرة.

وخلال تلك المرحلة، كتبت «راند» عددا من المقالات، منها هذا المقال الذي أرى في موضوعه فكرا عقلانيا، وهو الأقرب لما أعتقد أنه يعيننا كثيرا في تجاوز أزمتنا، التي أرى فيها أن قوة حقيقية أخذت تبلور مراحل قيام الدولة باقتدار، وبقناعة به.

لقد لخصت من مقال لها عنوانه «النهج الوحيد في الغد» من بحث طويل عنوانه «القاعدة الأخلاقية للفردية»، نشر في أبريل 1944، ما أريد أن أتناوله في مقالتي هذه، حيث تستهل بحثها قائلة: «إن أعظم خطر يهدد الإنسانية والحضارة هو ذيوع الفلسفة الكلية..»، وتفسر الفلسفة الكلية بأن الكلية هي الجماعية، يعني إخضاع الفرد للجماعة سواء أكانت هذه الجماعة شعبا أو طبقة أو دولة، وبالتأكيد يتعين إخضاع الفرد إلى العمل الجماعي، وبالتالي التفكير الجماعي يكون مشدودا له، يعمل وينبغي أن يفكر معهم في سبيل «الخير المشترك»!، مؤكدة أنه «لم يصل مستبد في عصور التاريخ كلها إلى السلطنة والتفرد والمنظر والمفكر والزعيم الأوحد إلاّ بالتلويح والادعاء أنه يقودهم نحو الخير المشترك، وهذا ما فعله معظم الزعماء الذين استبدوا بالسلطة».
تاريخيا، واضح هذا الاستبداد من قبل، ولكن الباحث سوف يكتشف في سير هؤلاء الذين انتهجوا هذا النهج أن منهم من حقق أمنا واستقرارا من بعد أن قضى على تشرذم، وتناحر، أوصل بلاده إلى استقرار حقيقي، فمن لا يعرف ما حققه «لينين» من استقرار بعد قيام الثورة البلشفية، واستمرار عنفها وصراعها طويلا، وماذا حقق نابليون من استقرار بعد عنف الثورة الفرنسية، و«بسمارك» و«جاريبالدي» وغيرهم.
عندما يقود ثائر بلاده إلى الأمن والاستقرار بعيدا عن التسويق لذيوع فلسفة كاملة تحدد لك كيف ومن أين تأكل وتلبس وتسكن، وما تحب أو تكره من ألوان؟ عندها تغتال حرية المرء أمام باب بيته!

الاستقرار يتحقق عندما يصل قائد بأبناء وطنه إلى بر أمان، يحقق لهم الأمن والاستقرار، ويوفر لهم فرص الحياة الحقيقية من دون أن يجمعهم تحت نصوص فلسفية كلية تمنعهم حتى من التفكير، عندها سوف يتنفس الناس الحرية التي تقف وتنحني احتراما لحرية المشاركة الفعلية الصادقة في حب الوطن والانتماء إليه تحت راية قانون عادل، يقرر أن حرية المواطن، التي لا تخون الوطن، تقف عند حرية جاره، أليس هذا ما يحدث الآن في دول بعيدة عنا؟! إحداها زرتها في ثمانينيات القرن الماضي، وكان لم يمض على انتصارها وطرد غزاتها سنة أو اثنتين، وكان هدف الزيارة تسوية قرض ليبي بما تنتجه من سلع، فلم نجد شيئا ذا قيمة سوى سلع بسيطة. منذ يومين، ابتعت علبة أنيقة لمشروب برتقال، فوجدت أنه مصنوع في فيتنام!، ونوع من برتقال طرابلس، اسمه «بيلا دونا»، كنا نراه في موسمه حتى سبعينيات القرن الماضي رفقة المسافر الإيطالي على خطوط طيران المملكة الليبية إلى روما! لو تحقق الاستقرار الحقيقي لما صرنا نستورد عصير برتقال من بلاد قد لا يكون من منتجاتها! في «تايوان>>.

قبل بضعة أعوام، بحثت رفقة صديق عن آلة لعصر الزيتون، فلم يعرف «التايوانيون» أساسا ما هو الزيتون، ومنذ فترة وجدت هذه الآلة في «العريش»، ويمكن هي الآن في مسلاتة!