المستهدفون من خدمة ما أو منتج معين، هم مجموعة الجمهور أو العملاء الذين تهمهم هذه الخدمة ومن يسعى للحصول على هذا المنتج. المستهدف من الخدمة هم الحلقة الأقوى التي تفرض وجهة نظرها على السوق بحيث تفرض أعلى نسبة إتقان للخدمة المقدمة لها ومن أجلها. كلما زاد وعي وإدراك وفهم الجمهور علت جودة المنتج وزاد جهد صاحب الإنتاج لضمان تقديم الأفضل. ما من منتج أو خدمة عامة تستطيع فرض نفسها والنجاح وتحقيق هامش الربح دون تلبية لمتطلبات السوق وحاجات العملاء، وما من مؤسسة حكومية تهدر ميزانيتها من المال العام دون تحقيق أقصى درجة جدوى مدروسة ومبنية على تحقيق ازدهار المواطن. ولكن ماذا لو كان وعي الجمهور أقل من مستوى التطوير المطلوب؟ ماذا لو تلاعب به مقدمو الخدمات وتحدد وفق دهاء أصحابها؟ ماذا لو كان وفق عوامل اجتماعية مختلفة لا علاقة لها بالجودة والاستدامة؟

الجودة هي كل ما يتوقعه العميل من الخدمة المقدمة، بحيث تكون هذه الخدمة بأقصى درجة ممكنة من المصداقية وبأقل تكلفة ممكنة قياسًا بالأسعار الدولية. الجودة هي التزام صارم بمعايير قابلة للقياس واضحة للتقييم وإبداء الملاحظة مع التطوير المستمر وفق ما يلبي حاجة العميل نحو الأفضل. هدف تحقيق جودة المنتج هو رضى العميل وصولًا لإنجاز مطلب بعينه يرضي العميل أو المعني بالخدمة. الجودة هي الشعار الذي ترفعه الشركات المنتجة اليوم نحو تحقيق التنافسية السوقية في الأسواق الدولية. الجودة هي ما يضمن للسياسي نهاية خدمة مشرفة وملف سياسي لا يحوي تجاوزات مشينة.

كلما زاد عدد المستهدفين من خدمة معينة زاد تنافس شركات التسويق لتوفير تلك الحاجة ولتحقيق أكبر هامش ممكن من الأرباح. يتزامن مع وجود المستهدفين من الخدمة خدمات التسويق التي تضمن التنافسية التسويقية وبالطبع دراسة جدوى المنتج ومعرفة مدى أهميته وإقبال المستهلك عليه.

المستهدفون من الخدمات كلما زادت نسبتهم تحقق الهدف من المنتج، فهم أكبر دافع لشركات الإنتاج وشركات الخدمات العامة نحو تحقيق الأرباح.

عندما تشكل الدعاية والسيل المتواصل من الإعلانات على وسائط الإعلان المختلفة في عالم اليوم، يصبح المستهلك أسير استهلاك لا طائل من ورائه ولا يعود لتحقيق جدوى الإنتاج معنى. المستهدفون في هذه الحالة هم الذين تهدف شركات الإنتاج لجعلهم مستهلكين لمنتجاتهم وفق حملات الإعلان الممول الذي تدخل تكاليفه على حساب جودة المنتج أو الخدمات العامة المقدمة.

المستهدف أو العميل هو الهدف الأول الذي توضع من أجله الاستراتيجيات عند وضع خطط الشركة أو المنظمة أو المؤسسات التي تقدم خدمات عامة مقدمة للناس في أي دولة. مع فارق أن الخدمات العامة لمؤسسات الدولة لا يدخل الربح المادي ضمن أجندة عملها، فسعيها بالدرجة الأولى نحو تحقيق الازدهار بسلم أولويات ناجعة ومدروسة ومعلنه للعامة.

من هنا وجب على الحكومات الناجحة والشركات الناجعة أن تضع نصب أعينها حاجة المواطن أو المستهلك، الذي فرضها بنفسه وبمطالباته وفق تقييمه للجودة وليس وفق ما أملته عليه الإعلانات الممولة والاتجاه العام للاستهلاك، عند إنتاج أي سلعة أو تقديم خدمة معينة.

المعلومة الأكثر أهمية الواجب توفرها أمام شركات الخدمات العامة هي التحقق من مصداقية هدف المستهدف من هذه الخدمة. إذا حدث أي خلل أو تزوير في المعلومات التي توضح حاجة السوق للخدمات، أو تدخل عامل المنفعة الشخصية فلن تصل الخدمات المقدمة إلى هدفها المنشود.

أحد أهم ما تسعى إليه الحكومات الناجحة هو تقليل ما يسمى بالفقد بين المعني بالخدمة والمنجز لهذه الخدمة بحيث يحقق المنتج أقصى استفادة ممكنة ويغطي حاجة السوق ويحقق رضى المستهلك. بهذه الكيفية يمكن التقليل من هدر المال العام وإرهاق إمكانات الحكومة في تقديم خدمات لا تحقق المطلوب من ورائها وبالتالي لا تصل إلى تحقيق ازدهار الدولة.

المستهدف من الخدمات هو الجمهور المحلى، الذي توجه له هذه الخدمات وجل مساعي الحكومة وجهودها تتجه إلى إرضائه. يأتي بعد ذلك المستهدف الإقليمي أو الدولي، بهدف تحقيق الدعاية وزيادة رصيد الدولة، وهو يصب كتحصيل حاصل لصالح ازدهار المواطن وحسن استغلال موارده دوليًا. الجمهور الإقليمي والدولي يهمنا من حيث ما يوفره إرضاؤه من نجاح يعد بالدرجة الأولى لزيادة كفاءة خدمات الدولة للمواطن، فلا معنى لجهود وأموال تصرف لا تحقق ناتجًا فعليًا مدروسًا وذا قيمة فعلية.

خدمات الحكومة تقوم على مبدأ تحقيق أقصى جدوى ممكنة لتحقيق استقرار المواطن وتوفير خدمات عامة تصل للمواطن بعدالة في كل مكان على أرض الوطن. فالخدمات العامة من تعليم وصحة وبنية تحتية هدفها تسهيل حياة المواطن ورفع مستوى معيشته. ولكن كيف تتحقق هذه الخدمات والمواطن يغفل عن لعب دوره الأساس في المطالبة بتحقيق أقصى درجة جودة من الخدمات المقدمة؟

العلاقة الوطيدة بين أطراف المعادلة، التي تشمل المنتج والمستهلك وتحقيق الجودة، تتحقق بجهود الطرفين من حيث المقدم للخدمات والمتلقي لها. لكن الجانب الأكثر تأثيرًا أو ثالثة الأثافي هو المتلقي للخدمة، فكيف تتطور الخدمات ونضمن الجودة ويحسن استغلال المال العام دون مطالبة من صاحب المال الشرعي وهو المواطن؟ صاحب الخدمة يراعى جمهوره متى فرض هذا الجمهور وجهة نظره وعرف أولوياته التي تشكل الهدف الأجدر من الخدمات ووضع القائم على تحقيق الخدمات ضمن دائرة المحاسبة والمساءلة والتطوير وصولًا للأفضل.

وعي المواطن على مستوى ما تقدمه حكومته وعلى وعيه بجودة ما يقدم له من منتج محلي ودولي هو الدافع الأقوى نحو التطور المثمر. وهو السبيل الأكثر نجاعة من حيث استخدام الموارد المحلية بأقل تكلفة ممكنة. وهو الأداة الأكثر فعالية في تحسين خدمات مؤسسات الدولة. إنه العقدة الأكبر والأكثر صلابة، إنه ثالثة الأثافي.

*الأثافي جمع أثفية وهي الحجر يوضع عليه القدر للطبخ، وثالثة الأثافي القطعة من الجبل الركيزة التي توضع إلى جانبها أثفيتان وتكون هي الثالثة والأقوى.