Atwasat

حل الدولتين؟

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 26 نوفمبر 2023, 01:39 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

بعد انحسار الموقف العربي، الرسمي، الداعم للقضية الفلسطينية (عن قناعة أو نفاقا)، والهرولة العربية، الرسمية، باتجاه دولة العدو الصهيوني، الاصطناعية، بغية التطبيع معها، والقيام بطقوس دفن القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني على بُعد عميق تحت ردم سميك، أعاد طوفان الأقصى الجارف الذي غمر الكيان الصهيوني العدواني (مع ما ترتب عنه من دمار هائل وموجع في غزة) القضية الفلسطينية إلى الحضور بقوة، مرة أخرى، إلى التداول الرسمي والشعبي عبر العالم (أخذا في الاعتبار اختلاف الموقفين المبدئيين، طبعا). وفتحت الأدراج التي حفظت فيها ملفات «حل الدولتين»، لطرحها على مناضد التداول من جديد.

و«حل الدولتين» هذا ينطوي، في تقديري، على إشكالية وتناقض غير قابلين، في تقديري أيضا، للرفع.
فهو، من جانب، حل غير عادل ومجحف بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني الذي سلبت أرضه من قِبل الكيان الصهيوني المدعوم من الاستعمار الإمبريالي العالمي. إنه بمثابة تنازل المرء على معظم جسده، بحيث لا يبقى له إلا جزء ضئيل منه غير مؤهل ليعيش حياة نشطة سليمة. وهو، بالنسبة إلى الكيان الإسرائيلي، يمثل نهاية الحلم الصهيوني الخرافي بإقامة دولة يهودية (أي دولة دينية) من نهر الفرات إلى نهر النيل (وبالمناسبة هذا ما يرمز إليه الشريطان الأزرقان المرسومان أعلى علم الدولة الصهيونية وأسفله).

فعلى الجانب الفلسطيني، ستكون هذه الدولة، المعترف بها دوليا، محكومة باتفاقيات دولية تحدد وضعها، فهي ستكون منزوعة السلاح، وتتعهد بعدم القيام بأي شكل من الأشكال «العدائية» (بما في ذلك على المستوى الإعلامي، مثلما أتصور) ضد دولة الاحتلال، والعمل على الحيلولة دون قيام جهات خارجة عن سلطة هذه الدولة بعمل «عدائي» مسلح ضد الدولة الصهيونية.

وقد توجد قوات دولية على حدود الدولتين تمنع هذه الأعمال «العدائية».

هذا بالطبع يتطلب، أولا، القضاء المبرم والكامل والنهائي على المقاومة الفلسطينية المسلحة الذي ثبت أنه هدف مستحيل التحقق. وإذا تُركت هذه المهمة للدولة الفلسطينية الهزيلة، فهذا يستدعي أن تكون لديها قوة مسلحة مناسبة (وبالتالي لن تكون منزوعة السلاح)، وسيؤدي هذا إلى قيام حرب أهلية فلسطينية لن تكون محسومة النتائج.

وعلى جانب كيان العدو الصهيوني، سيمثل هذا الحل نهاية حلمه، مثلما أسلفنا، لأن حدود دولة هذا الكيان ستُرسَّم لأول مرة منذ تاريخ تنصيبه على الأرض الفلسطينية، وسيكون خاضعا للاتفاقيات المبرمة بهذا الخصوص، ولن يكون وحشا فوق «القانون الدولي» والإنساني، مثلما هو عليه الأمر منذ ثلاثة أرباع قرن.

إذن، فحل الدولتين غير ممكن، وحتى إذا فرض بالقوة لن يقيض له النجاح.