سابقا، كان يُعتقد أن الأشخاص الذين يستخدمون أيديهم اليسرى سيموتون مبكرا قبل أقرانهم «اليمينيين»، ولكن بفضل دراسة، أجريت العام 1991 في جامعة كولومبيا البريطانية، جرى إثبات أن استخدام اليد اليسرى لا علاقة له مطلقا بطول العمر أو قصره. ووجدت الدراسة أيضا أن العُسر هم المسؤولون في كثير من الأحيان عن حوادث السيارات، ولذلك التصقت بهم سمعة كونهم سائقين سيئين. لكن العديد من الدراسات منذ ذلك الحين فندت هذه الادعاءات، والمحصلة التي توصل إليها العلماء تؤكد في عمومها أن كون المرء أيمن أو أعسرَ لا علاقة له بطول العمر أو قصره.

وبيّنت دراسة إسكتلندية، أجريت العام 2007، أن الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى هم أكثر إظهارا لأعراض اضطرابات ما بعد الصدمة، وذلك بعد مشاهدة مقاطع من فيلم مرعب ومخيف. وقد وجدت دراسات أخرى أن الأشخاص الذين لا يستخدمون اليد اليمنى يواجهون مشاعر سلبية أكثر من اليمينيين. لذلك قد تُرجع النتائج كلها إلى حقيقة أن الأشخاص الذين لا يستخدمون اليد اليمنى قد يكون لديهم جانب مختلف في الدماغ، مما قد يؤثر على الطريقة التي تتعامل بها أدمغتهم مع الخوف والغضب.

وعديد الدراسات البسيطة توصلت إلى أن الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى يشربون الخمر أكثر من الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى. لكن العلماء ليسوا متأكدين من ذلك، مرجحين أن ذلك، إن كان حقيقة، يكون بسبب الضغوط النفسية التي يواجهونها، لكونهم قلة، ولم تتوافر لها التسهيلات الحياتية اليومية المتوافرة لمستخدمي اليد اليمنى، مما يجعلهم أكثر لجوء إلى الكحول!، هروبا من ضغوط معاناتهم اليومية.

ففي العام 2011، نشرت المجلة البريطانية للصحة النفسية دراسة عن هذه الحالة على نطاق واسع، مستخدمة بيانات جرى جمعها من أكثر من 27000 شخص، ووجدوا أن العُسر يتناولون الخمر في كثير من الأحيان، ولكن وبشكل عام قياسا «بمن يشربون نادرا (مرة واحدة في الشهر) أو لا يشربون على الإطلاق». وبعبارة أخرى، لم يكن لدى الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى سبب للإفراط في تناول الكحول أو ليصبحوا مدمنين عليها.

وبصفة عامة «لا يوجد سبب للعُسر يدفعهم للإفراط في استهلاك الكحول أو الاستمرار فيه نحو درجة المخاطرة>>.

وقد يفسر ذلك أن العُسر يكسبون أموالا أقل. وسواء أكانت الاختلافات المعرفية والعقلية أو الجسدية بين الذين يستخدمون اليد اليسرى عن اليد اليمنى هي التي تُسبب فرقا حقيقيا في حياتهم أم لا، فإن هذا الأمر لا يزال محل نقاش، لكن دراسة أجرتها جامعة هارفارد العام 2014 تشير إلى أن هذا قد يحدث.

ولقد وجد الباحث «جوشوا جودمان» أن رواتب الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى كانت، في المتوسط، أقل بـ9 - 19% من أقرانهم الذين يستخدمون اليد اليمنى، وكان الفرق بين مستخدمي اليد اليسرى واليمنى 2500 دولار للرجال، و3400 دولار للنساء.

ووجد أيضا أن الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى كانوا أكثر عرضة لعدم الالتحاق بالجامعة أو تركها، والعمل في وظائف أقل طلبا من الناحية الإدراكية مثل العمل اليدوي.

وأعلن «جودمان» في بيان صحفي: «عندما يسألني الناس عن رأيي في مسألة استخدام اليدين، أجيبهم: أعترف أن ذلك يجعلني أعطي القليل من الاهتمام الإضافي لأطفالي في أثناء تطويرهم لاستخدام إحدى يديهم». وأضاف: «إذا تبين أن أحدهم أعسر فلا أقلق، لكنني سأراقب بضعة من تلك الأشياء الأخرى>>.

في العموم، لا يهم حقا كثيرا استخدام إحدى اليدين، فمن بين جميع الحقائق المثيرة للاهتمام حول استخدام إحدى اليدين، ولربما تكون أهمها، مثلما تقول «غريمشو»، وهي أحد المتخصصين المهتمين: «الأمر لا يهم كثيرا، لأن الاختلافات بين مستخدمي اليمين واليسار، على الرغم من كونها دقيقة إلى حد ما، لها أهمية علمية أكبر بكثير من الاستخدام العملي اليومي». إلا أنها توافق على أن أصحاب الأيدي المختلطة هم، في الواقع، يختلفون عن «أصحاب الأيدي القوية» أكثر بكثير من اختلاف أصحاب اليد اليسرى واليمنى عن بعضهما البعض. وتضيف: «مع ذلك، فإننا لا نعرف الكثير عن أدمغة الأشخاص ذوي الأيدي المختلطة، لأننا ركزنا بشدة على الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى».

وتستطرد: «نأمل أن يكون لدينا فهم أفضل لهم قريبًا». وهناك شيء واحد مؤكد، كما يقول «يو»: «لا ينبغي لنا أن نفترض الكثير عن شخصيات الناس أو صحتهم فقط بسبب اليد التي يكتبون بها، ومن المؤكد أنه لا ينبغي لنا أن نقلق بشأن فرص نجاح مستخدمي اليد اليسرى، ففي نهاية المطاف (بدءا من العام 2015) كان خمسة من رؤساء الولايات المتحدة السبعة الأخيرين إما عُسرا أو مختلطي الأيدي>>.

** المعلومات التي وردت في الحلقات الثلاث هي من قراءات لمواضيع متعددة وردت في شبكة «العناكب» الرهيبة، فما عليك إلا أن تبحث عن: The Left Handed Users