Atwasat

الحياة والمخاطرة

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 04 سبتمبر 2022, 12:39 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

ترتبط الحياة، في العمق منها، بالمخاطرة أو، على الأقل، باحتمالاتها. فأول ما "يسقط" الوليد إلى الدنيا يواجهها بالصراخ. ويقول الأطباء أن صراخ الوليد متسبب عن أن طبقتي الرئة تكونان مرتوقتين (= ملتصقتين)، لعدم استخدامها، فترة الحمل، وأول ما يدخل الهواء إلى الرئة تنفتق طبقتاها عن بعضهما، الأمر الذي يسبب له ألما يؤدي إلى صراخه. أي أن الحياة تواجه الوليد منذ البداية بالألم، فيواجهها بالصراخ.

بعد ذلك تأتي ظروف أخرى تحدد المسار، أو المصير، المستقبلي لهذا الطفل. فهو محتاج إلى تطعيمات دورية ضد أمراض وأوبئة، من مثل شلل الأطفال وداء الكبد. وهناك ظروف البلد الذي يولد فيه من النواحي البيئية والاقتصادية ومستوى الرعاية الصحية والمعيشة.

ثم هناك الوضع المادي للأسرة التي يولد فيها من حيث قدرتها على توفير مستلزماته من الغذاء والملبس وحمايته من مضاعفات الحر والبرد وتوفير الألعاب له... وإذا مرض بمرض لا يمكن علاجه في بلده وكانت أسرته غير قادرة على الإيفاء بتكاليف علاجه في الخارج ولا تستطيع فعل ذلك على نفقة الدولة فإن مصيره يكون مهددا، إضافة إلى احتمالات الحوادث الطارئة.

وعندما يكبر قليلا هناك ما يمكن أن يتعرض له من أذى في الشارع من قبل أنداده أو ممن هم أكبر منه قليلا. وفي فترة الصبا يزداد هذا النوع من المخاطر، إذ يمكن أن يتعرض إلى ظروف ومغريات تؤدي به إلى الانجرار في طريق نوع أو آخر من أنواع الانحراف، وحتى الإجرام أحيانا.

وقد يضطر اليافع أو اليافعة، لظروف قاهرة، إلى ترك الدراسة والبحث عن أي عمل. وحتى الشخص الراشد يمكن أن تواتيه فرص يندم لاحقا على أنه لم يستغلها، أو يتخذ قرارات مصيرية تتعلق بمستقبله العملي، أو الاجتماعي (مثل قرار الزواج) ليكتشف أن خياره كان خاطئا تماما (بل وكارثيا في بعض الحالات).

بالطبع، يختلف كم المخاطرة بحكم طبيعة الحياة من شخص إلى آخر، لكن المخاطرة، في جميع الأحوال "روح" الحياة. فمجرد خروج المرء من بيته حابل بالمخاطرة. إذ قد يتصادف أن يتعرض إلى حادث سير يودي بحياته أو يؤذيه إيذاء بالغا. وقد يجد نفسه متورطا في مشكلة من نوع ما، وقد يتعرض إلى الاعتداء عليه من قبل لصوص.