Atwasat

19 آذار... للرعاع صولات وجولات

ميلاد عمر المزوغي الإثنين 25 مارس 2019, 11:47 صباحا
ميلاد عمر المزوغي

لا نعلم حقيقة إن كانت التواريخ تصنع الأحداث أم أنها الصدف، فالبرلمان الفرنسي اعتمد مقترح قانون تقدم به الاشتراكيون لجعل يوم 19 آذار تاريخ وقف إطلاق النار في 1962 في الجزائر: "يوما وطنيا لذكرى ضحايا حرب الجزائر". وهذا التاريخ يعتبر موعد وقف إطلاق النار غداة اتفاقيات إيفيان في 18 آذار 1962.

19 آذار 2003 بدأ القصف الصاروخي على العراق من مختلف القطع البحرية عابرة أجواء بلداننا العربية، بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، والهدف هو تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد "الفوضى الخلاقة" لأجل حماية الكيان المغتصب لفلسطين، وللأسف الشديد بتمويل من بعض العرب السائرين في ركب الخيانة، الساعين لإرضاء أسيادهم أولياء نعمتهم، من أجل الإبقاء عليهم في السلطة، المتعطشين لسفك دماء كل عروبي حر يريد أن يبني مجدا للأمة ويكون لها شان.

في نفس اليوم وبعد ثمان سنوات وفي السياق نفسه ولكن بحجة حماية المدنيين من قوات النظام الليبي والحبر لم يجف بعد، دمر حلف الناتو القوات الحكومية التي كانت تشد الرحال إلى بنغازي من أجل تطهيرها من خوارج العصر الذين أتى بهم الغرب ومن والاهم من العرب حيث استقروا بشرق الوطن والذين بفضل ذلك التدخل عانت بنغازي ولا تزال جبروتهم وطغيانهم الذي طال كافة فئات الشعب، فأزهقت أرواح بريئة، وتحوّل آخرون إلى فئة المقعدين وشرد آخرون. دخلت البلاد دائرة العنف المسلح بتمويل خليجي ومباركة دول الجوار، فأصبحت مرتعا للخارجين عن الشرائع الربانية والقوانين الوضعية والأعراف الاجتماعية، فعاثوا في الأرض فسادا.

بعد سبع سنوات من الحرب وقد أتت على الأخضر واليابس في ليبيا، الشرطة الفرنسية توقف صباح الثلاثاء(20 آذار 2018) الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي احترازيا في إطار التحقيق حول شبهات بتمويل ليبي لحملته الانتخابية في 2007.المؤكد أن الرئيس ساركوزي باشتراكه في العدوان على ليبيا، بل إنه كان رأس الحربة ومن أكثر المتحمسين له كان يسعى إلى إخفاء معالم تمويل حملته الانتخابية، وتؤكد المصادر أن مقتل شكري غانم كان يصب في نفس الهدف. فهل سيقول القضاء الفرنسي كلمته ويدخل الرئيس القفص الحديدي بعد أن صال وجال في قصر الأليزيه واتخذه وكرا للدسائس والأعمال الإجرامية في حق الشعوب الأخرى؟ ويثبت للعالم أن من ينادون بالشفافية وتجريم المال الانتخابي غير المشروع هم الأكثر إفسادا للذمم وأكبر مساندين للإرهاب وسحق الشعوب.

العمالة للأجنبي في سبيل تحقيق مآرب شخصية لم تنقطع يوما. وفي زمننا المعاصر حدث ولا حرج. فهناك من استولى على الأموال التي أؤتمن عليها ولاذ بالفرار متحججا بمعارضته لنظام الحكم في بلده "الجلبي-العراق، المقريف- ليبيا"على سبيل المثال لا الحصر. هناك أكثر من بروتس وأكثر من يهوذا الأسخريوطي عمدوا إلى إسقاط أنظمة الحكم فكان الدمار الشامل، وتحصلوا على مكافئاتهم من صاحب الفضل وعادوا إلى أوكارهم، يراقبون عن بعد وقد أشفوا غليلهم، وضمنوا مستقبلهم وذريتهم، حيث تم غرس البعض منهم في المؤسسات العامة بدولهم، ليكونوا على دراية تامة بما يحدث، ولا بأس من تغيير المسار إن تطلب الأمر ذلك أنهم في نظرنا مجرد رعاع صولاتهم وجولاتهم لن تثنينا عن المضي قدما لتحقيق وحدة الأمة العربية.

لقد أصبحت الجماهير العربية في دول النكبة (الربيع العربي) تحن إلى أزمنة الحكم الديكتاتورية، لهول ما لحق بها من ظلم وأذى لم تعهده في أيامهم.