Atwasat

المرابطون الأسياد (3)

سالم قنيبر الأربعاء 25 يوليو 2018, 03:02 صباحا
سالم قنيبر

السيد الكبير الأثر - الجليل الشأن 

الزمن يقترب ، ولكن هذه المرة ليس كثيرا قد يتصل بالعصر، وقد يكون المقدمة له ، نجع، عشيرة أو قبيلة، قوم ، شعب أو أمة . قرية ، مدينة ، أو بلاد. المحتوى لتجمع بشري. وتظل المتابعة متصلة بالسادة الشيوخ المرابطين الأولياء.

السيد الجليل الأثر الكبير الشأن،  كان مرابطا كثير التجوال. من أرض الأدارسة، بلاد المرابطين، وموطن الموحدين جاء، حل بالبلاد، وغادرها مرارا، ثم عاد إليها، تخير أطرافا بعيدة منها واتخذها منطلقا، الأماكن النائية البعيدة عن العمران ، القرى في الجبال الوعرة المسالك، الواحات التي تخترق عمق الصحراء، والمجاهل في الغابات وحول البحيرات، حيث لا مطمح لصاحب ملك للاهتمام بها، ولا إغراء لمغامر لتكلف عناء يدفعه للتوجه نحوها.

أحكم رباط سكانها، ونظم حلقات جماعاتها، ووثق عرى الطوق الذي يلمها. وكان لأتباع الشيخ الذين تحلقوا حوله واصطحبهم معه في تجواله، موقعهم الوارد في تأسيس الدعوة وإقامة النظام. الطريقة.. وقد سلك السيد الشيخ الكبير طرقا نائية بعيدة المنال. التيجانية،  الشاذلية، الادريسية أو القادرية، وطرق كثيرة أخرى كانت ذات شأن عند أهل ذلك الزمان، لكن الشيخ السيد كان مبتكرا، وكان شأن آخر قد تبين له، من خلال طوافه في أرجاء أرض الملة من العباد، تحددت عنده معالمه، وأدرك أهميته ،واتضحت له الوسائل المؤدية إلى تحقيقه ، ورأى المباشرة في العمل من أجله.

وتابعت الفتاة إلحاحها على الجدة لتقص عليها طرفا مما بلغها عن زمن الكرب.  زمن الاثنين والأربعين عاما قالت الجدة: ـ صالح الطيب مات  ـ اغتيل كما يبدو ـ كان  يرعى الغنم ، ويأكل القديد وكان أيضا يقول الشعر.

ومن قتل ذلك الراعي الشاعر الطيب المسكين ؟ ولماذا اغتيل ؟ تساءلت الفتاة باستغراب.الذين أجرموا، إنهم أولئك الذين أطلق لهم العنان. طلبوا من صالح أن يقول شعرا في المديح، ولم يكن صالح الراعي الطيب يجيد قول الشعر في المديح، اتهموه بالهجاء وقتلوه. إنهم لا يحبون الشعراء على كل حال. لم أفهم الكثير مما قلته أيتها الجدة الحكيمة، هل لك أن تفصحي بعض الشيء كي أتمكن من متابعة ما تقولين.اسألي أباك الذي يقرأ كتب الأولين، فقد يكون ملما ببعض التفاصيل.......وخفت صوت الجدة وكاد يغيب وخرجت الكلمات بطيئة تتردد.. هوارة، نفوسة، كذلك زناتة،  ومسلمة بن سعيد. ورفجومة تداهم القيروان وتنكل بمن فيه.وسارع لنجدة أهل القيروان، عبد الأعلى بن السمح أبو الخطاب، رحمه الله  «لا حكم إلاّ للـــــــه» هكذا أعلن عندما تم له القضاء على ورفجومة الأشرار.. عبد الرحمن بن رستم.. وغدت تاهرت مقرا لدولة الرستميين الأخيار.

مهلا أيتها الجدة، ما هذا الخلط. حقا لم أفهم مما قلته شيئا، أي شيء.إني متعبة يا صغيرتي، متعبة أنا،  وقد اختلط الأمر علي. يملأ فراغ الزمن،  الحدث الذي يصنعه الإنسان، وبقدر أهمية الحدث وتأثيره وجِدّته وما يحمله من الإثارة، يجيء استحقاقه من الذكر والتدوين والتقصي والمتابعة. هناك أناس يصنعهم الحدث، وغيرهم هم الصناع للحدث، وهؤلاء جميعهم يشملهم الذكر ويتحدد موقعهم كل بما يناسبه، أو بما يتفق والرؤية عند صاحب الرواية، والمتابع لمجرياتها عبر الأيام. المعرفة هنا تلازم الحدث الماثل زمانا ومكانا. والحديث قد يتجاوزها إلى الصناعة المطلقة للحدث، وهي قضية قد فاقت كل القضايا،  واختلفت عن المعهود جميعه. الصناعة المطلقة السارية إلى كل الزمان في كل المكان....يتبع