Atwasat

مخلفات الحرب والألغام.. قنبلة موقوتة تهدد الليبيين

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 07 يونيو 2024, 03:11 مساء
WTV_Frequency

بعد أربعة أعوام على انتهاء حرب العاصمة، لا يزال الليبيون يواجهون خطراً يهدد حياتهم بشكل يومي ويتمثّل بمخلّفات الحرب من ذخائر وألغام غير منفجرة، التي تسببت في قتل وإصابة الكثيرين لدى عودتهم إلى منازلهم مع انتهاء الحرب.

وبين الضحايا الطفل محمد صالح فرحات (10 أعوام) الذي خرج ذات يوم رفقة اثنين من أصدقائه ليلعب في الباحة الخلفية لمنزله، والتقطوا جسماً معدنياً من حائط المنزل قاموا بطرقه على الأرض لبضع دقائق قبل إلقائه بعيدا، فانفجر لحظة ارتطامه بالأرض، حسب وكالة «فرانس برس».

سقط محمد مضرّجا بالدماء، وركض صديقاه هاربين من دون معرفة ما الذي حدث، كانا يجريان والدماء تسيل من نقاط مختلفة من جسديهما إلى أن التقى بهما شخص نقلهما إلى المستشفى.

مخلفات الحرب تهدد حياة الأطفال
وقال همّام (12 عاما) من قسم إيواء الأطفال في مصحةّ بطرابلس حيث يتلقّى العلاج، لـ«فرانس برس»، «وجدنا قطعة معدنية في حائط المزرعة. ظننا أنها قطعة خردة، إلى أن مرّ بنا جار لنا وطلب منا رميها لأنها قذيفة. رميناها بخوف، وبعد ثوان، سمعنا انفجارا قويا وسقطنا على الأرض».

ويضيف همّام الذي يحمل ضمادات في أماكن مختلفة من جسمه، وقد تسبّبت شظية بتضرّر أعصاب قدميه، «لم نفهم أنها ذخيرة سلاح»، وتابع بحزن «أنا آسف، لن نلعب هناك مرة أخرى».

يرقد قربه شقيقه ليث الذي يصغره بعام، وهو يتلقى العلاج من إصابة طفيفة. ويقول بدوره «لم نكن نتوقع، كنا نلعب فقط».

وبين أبريل العام 2019 ويونيو العام 2020، شنّت قوات «القيادة العامة» هجوما من أجل السيطرة على العاصمة، لكنها لم تتمكن من تحقيق هدفها.

دور «فاغنر» في زراعة الألغام
وبحسب تقرير لوزارة الخارجية الأميركية، قامت قوات مجموعة «فاغنر» الداعمة لـ«القيادة العامة» بزرع ألغام أرضية خلال انسحابها من ضواحي طرابلس، كما تركت عبوات ضمن ألعاب أو أواني طهي.

وتنتشر هذه المخلفات في مناطق جنوب طرابلس يقطنها أكثر من نصف مليون شخص من أصل ثلاثة ملايين هو العدد الإجمالي لسكان العاصمة.

ويرى صالح فرحات (42 عاما)، والد محمد، أن المنطقة التي يقطنون فيها باتت «منكوبة»، مطالبا بتكثيف الجهود لتنظيف رقعة جغرافية سكانية واسعة من مخلّفات الحرب والألغام التي تهدّد سكان جنوب طرابلس.

ويقول الأب لخمسة أطفال من باحة منزله حيث وقع الانفجار، «شهدت هذه المنطقة اشتباكات ومعارك عنيفة منذ العام 2011، ونسمع بين الحين والآخر عن تعرّض أحد الجيران لبتر طرف نتيجة انفجار مفاجئ».

ويتابع بحسرة «لم تقم الدولة بالجهد الكافي لنزع ورفع الألغام والمخلّفات (...). أنا أب مكسور لدي ابن وحيد وأربع بنات أشعر بالحزن العميق لإصابة ابني الخطيرة».

طفل آخر مصاب جراء الألغام
وسمحت إدارة المصحة الخاصة لـ«فرانس برس» بالدخول إلى قسم العناية الفائقة حيث يتواجد محمد الذي يبدو في حالة ذهول وصدمة، بينما رأسه مغطّى بلفافة طبية بيضاء.

ويقول الفريق الطبي المتابع لحالة محمد إن شظايا عدة أصابت جسده، لكن الشظية الأخطر استقرّت في دماغه، وحالته مستقرة الآن، لكنه سيحتاج إلى برنامج علاجي طويل ومكثّف.

وناشد عضو بلدية أبوسليم في منطقة طرابلس الصديق العباسي جميع الأطراف المعنية بتوفير المعدّات التقنية الحديثة لإعادة مسح المنطقة المنكوبة من مخلّفات الحرب، لأن الأمر يجعل السكان خائفين وحياتهم في خطر.

وأكد العباسي أن «أبوسليم من أكثر المناطق التي تضرّرت في الحرب الأخيرة، إذ تسبّبت الاشتباكات العنيفة في انتشار واسع لمخلفات الحرب».

استراتيجية لمكافحة الألغام
وأعلن المركز الليبي للأعمال المتعلقة بالألغام في مطلع مايو عن خطط مشتركة لتطوير مكافحة الألغام بالتعاون مع مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام لأغراض إنسانية، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وسبع منظمات غير حكومية.

ووفقا للأمم المتحدة، نجحت ليبيا في تنظيف نحو 36% من الأراضي الخطرة التي تمّ تحديدها، إلا أن نحو 436 مليون متر مربع لا تزال «ملوثة».

وأصيب أو قُتل أكثر من 400 شخص في حوادث مرتبطة بذخائر غير منفجرة، منذ انتهاء الحرب، وسجّلت 35 من تلك الحوادث العام الماضي فقط، وكان من بين ضحاياها 26 طفلا.

واعتبرت مديرة دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في ليبيا فاطمة زريق أن هذه الأرقام «لا تسلّط الضوء على التحدّيات الخطيرة التي نواجهها فحسب، بل تؤكد أيضا على الأهمية الحيوية للشراكات الدولية (...). يمكننا تعزيز قدرات قطاع الأعمال المتعلقة بالألغام، وضمان مستقبل أكثر أمانًا للجميع».

«يونيسف»: وفاة 9 أطفال جراء الألغام في ليبيا خلال 2023
«تحقيقات»: ليبيا.. أكبر مخزون في العالم من الموت
الأمم المتحدة: ليبيا من أكبر مخزونات الذخائر غير المؤمنة بالعالم

وأضافت أن تطوير استراتيجية ليبيا لمكافحة الألغام سيفضي في نهاية المطاف إلى تعظيم تأثير جهود الأعمال المتعلقة بالألغام وتقليل المخاطر التي تتعرض لها المجتمعات المحلية.

ووفقا لمسؤول بوزارة الدفاع في حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، فإن الاستقرار السياسي وحده من سيسمح في نزع كل مخلفات الحرب والألغام.

ويقول المسؤول للوكالة الفرنسية، «نعتقد أن سلطة تنفيذية موحدة تستطيع خلال فترة تتراوح بين 5 إلى 10 أعوام من الانتهاء من عمليات تطهير كل الأراضي الليبية من مخلفات الحرب».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حالة الطقس في ليبيا (الأربعاء 26 يونيو 2024)
حالة الطقس في ليبيا (الأربعاء 26 يونيو 2024)
«الأرصاد»: ظهور ضباب خفيف على الساحل من الخليج إلى درنة الليلة
«الأرصاد»: ظهور ضباب خفيف على الساحل من الخليج إلى درنة الليلة
أسعار العملات الدولية مقابل الدينار في السوق الرسمية (الأربعاء 26 يونيو 2024)
أسعار العملات الدولية مقابل الدينار في السوق الرسمية (الأربعاء 26...
شركة الكهرباء تنتهي من تركيب معدات محطة المعهد الصناعي في البيضاء
شركة الكهرباء تنتهي من تركيب معدات محطة المعهد الصناعي في البيضاء
في «هنا ليبيا»: نقص فصائل دم وارتفاع معدلات الحوادث المرورية في البيضاء
في «هنا ليبيا»: نقص فصائل دم وارتفاع معدلات الحوادث المرورية في ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم