Atwasat

فشل «خماسية» باتيلي وتكليف ستيفاني (2) يعيدان سيناريو مصير «غدامس 2019» ورحيل سلامة

القاهرة - بوابة الوسط: علاء حموده الجمعة 08 مارس 2024, 03:40 مساء
WTV_Frequency

وضع المراوحة الذي يعيشه هذه الأيام السنغالي عبدالله باتيلي منذ مباشرة مهمته في ليبيا قبل أكثر من عام ونصف العام، وصولا إلى رهانه الحالي على مبادرة الحوار الخماسي، الذي يجمع من يعتبرهم أطراف الأزمة الأساسيين، يثير عديد الأسئلة بشأن السيناريو الذي سيحدد انتهاء هذه المهمة، ورحيل صاحبها.

ويبدو أن الأكثر توقعا هو تكرار سيناريو فشل حوار غدامس الذي راهن عليه سلفه الأسبق اللبناني، غسان سلامة، خصوصا بعد تعيين الأميركية اللبنانية الأصل ستيفاني خوري نائبة للمبعوث الأممي الحالي في وقت سابق هذا الأسبوع.

وبعد الجولات التي خاضها باتيلي في محاولة فتح الطريق أمام مهمته الأممية، وانخراطه في جهود وساطة دبلوماسية، لتقريب فرقاء الأزمة الليبية، وآخرها مبادرته الخماسية الأخيرة، جاء إعلان تعيين «ستيفاني 2» نائبة له، الذي تزامن مع مؤشرات على انسداد الطريق أمام مهمة باتيلي، وربما هذا ما فسره مضمون إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، التي اتهم فيها كل الأطراف صراحة بالعرقلة مبتعدا عن لغته الدبلوماسية المعتادة.

باتيلي وسلامة.. حلقة مفرغة
ويلاحظ متابعون للشأن الليبي أوجه التشابه بين تجربتي باتيلي وسلامة فيما يصفونه بـ«المراوحة والدوران في حلقة مفرغة».

- باتيلي يجدد الدعوة لطاولة خماسية عاجلة لتشكيل حكومة موحدة 
- باتيلي يبحث مع عقيلة إيجاد تسوية سياسية تقود إلى الانتخابات 
- غسان سلامة يعتبر مسألة الانتخابات المؤجلة في ليبيا غير مهمة لهذا السبب

في العام 2018، وبعد سنة واحدة من تولى سلامة مهامه على رأس البعثة الأممية في ليبيا، جرى تعيين الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز نائبة له. وعلى الرغم من أن الدبلوماسي اللبناني قطع أشواطا على مدى عامين في مهمته بمساراتها الشهيرة (السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والعسكري)، فإن الكلمة الأقوى كانت للسلاح، حيث جاءت حرب العاصمة في أبريل 2019 لتنسف مؤتمر غدامس «الجامع» قبل 10 أيام من موعد انعقاده المحدد، الذي راهن عليه سلامة لما كان يعتقد أنه سيكون تتويجا لنجاح مهمته، ويعتمد كـ«خارطة طريق» لحل الأزمة الليبية، ولم يجد بعدها المبعوث الأممي سوى خيار الاستقالة الذي برره بـ«مشاكل صحية».

في هذه الغضون كانت وليامز تلعب أدوارا مهمة في فريق سلامة، سواء في قيادة جهود الوساطة بمفاوضات جنيف بين طرفي الحرب، أو مع تعيينها في ديسمبر 2021 مستشارة خاصة بعد الاستقالة المفاجئة للمبعوث الأممي اللاحق السلوفاكي يان كوبيش.

هل يودع المبعوث الأممي منصبه؟
ويعتقد المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، في تصريح إلى «بوابة الوسط»، أن «ظهور نائبة أميركية للمبعوث الأممي باتيلي هو بادرة على طريق مغادرته البعثة، وتولي خوري مهامه». ويرى المهدوي أن باتيلي «لم يمتلك استراتيجية واضحة منذ تسلم مهامه كمبعوث دولي في ليبيا، وحاول استثمار ما حققه غسان سلامة وستيفاني ويليامز، ولكن المعوقات كانت أكبر من أن يتجاوزها». ويضيف: «اعتمد الدبلوماسي السنغالي علي قاعدة البيانات السابقة نفسها لاختيار النخب السياسية، وهذا أحد أسباب الفشل».

وسبق أن طرح المبعوث الأممي، في أكتوبر الماضي، مقترح عقد طاولة حوار خماسية، تجمع من اعتبرهم الأطراف الرئيسة، وهم: رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة، ورئيسا مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح ومحمد تكالة. ولأنها لم تشمل رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، فقد رفض مجلس النواب المقترح.

وزادت وتيرة الانتقادات إلى المبعوث الأممي عبدالله باتيلي عقب تصريحات تلفزيونية تحدث فيها عما وصفه بـ«تنازع حكومتي الدبيبة وحماد على الشرعية». في المقابل، كان رد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في شرق البلاد، الذي اعتبر المبعوث الأممي بات «شخصًا غير مُرحَّب به في كل المدن والمناطق الخاضعة للسيطرة الإدارية للحكومة الليبية».

دماء جديدة في البعثة الأممية
ويرصد المحلل الليبي محمد الجارح، في تصريح إلى «بوابة الوسط»، تشابها بين المشهد الليبي العام الحالي وبين العامين 2018 و2019 «من حيث الانقسام، وتعدد الحكومات، والوضع الاقتصادي السيئ نتيجة ضعف الدينار، وازدياد معاناة المواطن، والاحتقان العسكري في المنطقة الغربية، والتشرذم العسكري في العاصمة طرابلس، في مقابل التحركات العسكرية التي تقوم بها قوات القيادة العامة في الشرق، والمناورات العسكرية الكبيرة في سرت».

وإذ يشير الجارح، الذي يعمل شريكا إداريا في شركة «ليبيا ديسك كونسلتنغ»، إلى تعثر «دور وقدرة الأمم المتحدة في الدفع بأية مبادرة في ظل غياب الدعم الدولي كما حدث من ألمانيا والولايات المتحدة»، فإنه يلفت إلى أن «تعيين ستيفاني خوري نائبة لباتيلي ربما يفتح الباب لتفكير وأساليب جديدة ومختلفة عن طريقة باتيلي للتعامل مع الأزمة السياسية، ومن ثم إعادة الحياة في دور البعثة الأممية، وهذا لا يعني الطاولة الخماسية».

ويتوقع الجارح «أن تذهب خوري بالمشهد إلى طاولة ثلاثية بين المجلس الرئاسي ومجلسي الدولة والنواب، علاوة على طاولة موازية أخرى تضم ممثلي «القيادة العامة» والجيش التابعين لحكومة الوحدة الوطنية وممثلين عن حماد والدبيبة».

بطء تحركات باتيلي
وإذ يقر الأكاديمي الليبي يوسف الفارسي ببطء تحركات باتيلي، فإنه يستبعد أن يواجه مصير غسان سلامة، مشيرا إلى «الظروف الدولية المعقدة، وأسباب داخلية تعرقل مهمته». ويقول: «تحركات المبعوث الأميركي ريتشارد نورلاند مع الأطراف السياسية في ليبيا تعطي مؤشرا على ضغط أميركي لحل الملف، لكنها لا تعني فشل باتيلي على نحو كامل».

عبدالله باتيلي سياسي سنغالي له مؤلفات في السياسة والتاريخ، وترشح لرئاسة السنغال عامي 1993 و2007، وخلف السلوفاكي يان كوبيش في المنصب الذي تنحى عنه الأخير أواخر 2021 حين تعثرت الدبلوماسية في حل الصراع الممتد في ليبيا، وأخفقت في إجراء الانتخابات العامة التي كانت مقررة في 24 ديسمبر 2021، قبل أن تؤجل لأجل غير مسمى.

أما الباحث المتخصص في الشؤون الليبية جلال حرشاوي فيرصد اختلافا مهما بين باتيلي وسلامة، إذ يقول: «قبل أبريل 2019، لم يكن المبعوث الأممي الأسبق يريد الاندفاع نحو الانتخابات، لكنه أراد مؤتمراً كبيراً، لمناقشة الجانب الدستوري قبل التفكير في أي انتخابات»، مضيفا: «بعد حرب حفتر على طرابلس، طرح مؤتمر برلين فكرة الذهاب إلى الانتخابات دون تحديد الدستور بشكل فعلي».

في المقابل، يقول حرشاوي لـ«بوابة الوسط»: «الوضع الآن أصبح أبعد من العام 2020، فالحديث كله يدور حول ضرورة إزاحة حكومة الدبيبة، واستبدال حكومة موحدة لتصريف أعمال بها، ولا أحد يعرف كيف أو ما إذا كانت الانتخابات ستنعقد بعد ذلك».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
وليد اللافي يبحث في واشنطن التعاون في أمن المعلومات
وليد اللافي يبحث في واشنطن التعاون في أمن المعلومات
«هنا ليبيا» يتابع: نقص فصائل الدم في البيضاء.. ومؤتمر عن العدوى بسبها
«هنا ليبيا» يتابع: نقص فصائل الدم في البيضاء.. ومؤتمر عن العدوى ...
الهجرة وخروج المرتزقة في مشاورات العقوري والقنصل اليوناني
الهجرة وخروج المرتزقة في مشاورات العقوري والقنصل اليوناني
«المالية» تستحوذ على 45% من إجمالي المرتبات .. تليها الشؤون الاجتماعية و«الداخلية»
«المالية» تستحوذ على 45% من إجمالي المرتبات .. تليها الشؤون ...
توقيف 3 أجانب تورطوا في إخفاء جثة بطرابلس
توقيف 3 أجانب تورطوا في إخفاء جثة بطرابلس
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم