اتهم قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان «جميع دول الجوار» بإرسال مرتزقة إلى بلاده، دون أن يسميهم، معبرًا عن رفضه وصف السودان بالدولة المقسمة مثل ليبيا، يأتي ذلك في وقت كشف تحقيق انتقال المواجهات «الأوكرانية - الروسية» من كييف إلى الخرطوم.

وقال البرهان في مقابلات صحفية مع عدة وسائل إعلام عربية وغربية على هامش الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك من بينها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» و«رويترز» وقناة «الحرة» الأميركية، ردًا على سؤال بشأن احتمال أن يصبح السودان «دولة فاشلة مثل الصومال أو مقسمة مثل ليبيا»، أجاب بأن «السودان سيبقى موحدًا.. السودان سيبقى دولة سليمة، وليس دولة فاشلة. لا نريد ما حدث في الدول الأخرى التي ذكرتها. الشعب السوداني الآن متحد خلف قضية واحدة، إنهاء هذا التمرد سلميًا أو بالقتال».

طلب السودان من دول الجوار بشأن المرتزقة
وكشف البرهان طلبًا تقدم به إلى الدول المجاورة بالتوقف عن إرسال مرتزقة لدعم قوات «الدعم السريع». وأشار إلى أن الغرض من الزيارات كان البحث عن حلول، وليس الدعم العسكري، لكنه طلب من الدول الأخرى وقف الدعم الخارجي الذي يؤكد أن قوات الدعم السريع تتلقاه.

ودون أن يسميهم، قال البرهان «طلبنا من جيراننا مساعدتنا لمراقبة الحدود لوقف تدفق المرتزقة، وهناك كثير من المقاتلين الأجانب في هذه القوات أتوا من جميع دول الجوار، وسيكونون في المستقبل خطرًا على الدولة السودانية ودول الإقليم».

- قائد الجيش السوداني يحذر بالأمم المتحدة من تمدد النزاع في المنطقة
- حميدتي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: القوات المسلحة تعادي التحول الديمقراطي
- زيلينسكي والبرهان يناقشان مسألة الجماعات المسلحة الممولة من روسيا

كما جدد البرهان في مقابلة مع قناة «الحرة»، السبت، التزامه بنقل السلطة إلى المدنيين عبر حوار سياسي، بعد إيقاف الحرب وترتيب الأوضاع الأمنية، يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية كاملة، تشرف على الفترة الانتقالية حتى إجراء الانتخابات.

موقف البرهان من التفاوض مع حميدتي
ولقناة «بي بي سي» أعرب قائد الجيش السوداني عن استعداد مشروط للتفاوض مع قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي). وتابع البرهان، وهو أيضًا رئيس مجلس السيادة الانتقالي، أنه سيجلس مع حميدتي طالما أنه ملتزم بحماية المدنيين، وهو ما تعهد به الجانبان خلال محادثات مدينة جدة السعودية في مايو الماضي، مضيفًا: «نحن مستعدون للمشاركة في المفاوضات». وقبل أيام، أعلن حميدتي عبر مقطع فيديو أنه مستعد لبدء محادثات سياسية. وسبق أن أعلن الطرفان مرارًا استعدادهما لاستئناف المفاوضات، لكن هذا لم يحدث ولم تخف وتيرة المعارك على الأرض.

ومنذ منتصف أبريل الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» حربا خلَّفت أكثر من 5 آلاف قتيل، وما يزيد على 5 ملايين نازح ولاجئ وفقًا للأمم المتحدة. وتوجّه تقارير غربية اتهامات لقائد القيادة العامة المشير خليفة حفتر بالتعاون مع مجموعة فاغنر الروسية لدعم قوات حميدتي بزعم التقارب السابق بين الطرفين خلال السنوات الماضية. فعملاء «فاغنر» عملوا في ليبيا كما في السودان جنبًا إلى جنب مع قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي.

البرهان يلتقي لافروف وزيلينسكي
وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة أطلع رئيس مجلس السيادة السوداني وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، على تطورات الأوضاع في بلاده وعلى الانتهاكات التي مارستها قوات حميدتي ضد المدنيين في السودان.

إلى ذلك، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، أنه التقى عبدالفتاح البرهان، مضيفًا أنهما ناقشا «مسألة الجماعات المسلحة التي تمولها روسيا». كما أعلن إعلام مجلس السيادة أن البرهان التقى الرئيس الأوكراني. وقال زيلينسكي إنه عقد اجتماعًا مع البرهان في مطار شانون بأيرلندا «من دون تخطيط مسبق».

هل انتقلت الحرب الروسية - الأوكرانية إلى جوار ليبيا؟
ويوم 20 سبتمبر الجاري، كشف تحقيق نشرته شبكة «سي إن إن» الأميركية أن القوات الخاصة الأوكرانية على الأرجح نفذت سلسلة من الهجمات باستخدام طائرات مسيّرة، إضافة إلى عملية برية، ضد قوات الدعم السريع في السودان المدعومة من قبل مجموعة فاغنر الروسية. وقالت الشبكة إنها حصلت على مقاطع فيديو تكشف أن هجمات نفذت ضد قوات الدعم السريع تحمل بصمات الجيش الأوكراني.

فقد استُخدمت مسيَّرتان متاحتان تجاريًا ويستخدمهما الأوكرانيون على نطاق واسع في 8 غارات على الأقل ضد قوات الدعم السريع، كما أظهرت مقاطع الفيديو كلمات بالأوكرانية على أجهزة التحكم التي تدار بها المسيّرات التي استهدفت الدعم السريع. ونقلت «سي إن إن» عن خبراء قولهم إن التكتيكات العسكرية المستخدمة في تلك الهجمات، ومن أبرزها انقضاض الطائرات المسيرة على أهدافها على نحو مباشر وسريع، غير مألوفة في السودان وأفريقيا بشكل عام. وتعني تلك الهجمات، إذا ما ثبتت مسؤولية أوكرانيا عنها، أن المعارك الروسية - الأوكرانية بدأت تخرج عن حيزها الجغرافي المحدود إلى ساحات وبلدان أخرى بعيدة.

بمشاركة ليبيا.. اجتماع وزاري حول السودان في نيويورك
وضمن الجهود المشتركة لحل أزمة السودان، اتفق اجتماع وزاري لدول جوار السودان، على «اتخاذ تدابير عملية للتوصل لوقف إطلاق نار مُستدام في السودان» الذي يشهد مواجهات بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، منذ أبريل الماضي. جاء ذلك في بيان صحفي مشترك حول الاجتماع الثاني لوزراء خارجية مسار دول جوار السودان، الذي عقد في نيويورك، الثلاثاء الماضي، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، بحسب ما نقلته الخارجية المصرية. وكانت مصر استضافت قمة دول جوار السودان، في يوليو الماضي، ودعت لوقف القتال وبدء مفاوضات، وتلاها في أغسطس الماضي استضافة تشاد أول اجتماع وزاري لدول الجوار، مع مساعٍ لحل الأزمة السودانية.

وأوضح البيان المشترك أن «الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان (مصر وتشاد وأفريقيا الوسطى وإثيوبيا وإريتريا وليبيا وجنوب السودان) عُقد، الثلاثاء، بمقر البعثة الدائمة المصرية لدى الأمم المتحدة بنيويورك». وأشار إلى أن الاجتماع جاء في «إطار مسار قمة دول جوار السودان، وجرى بالتنسيق بين مصر وتشاد، وذلك وفقًا لنتائج اجتماع الاجتماع الوزاري الأول في إنجامينا في 7 أغسطس الماضي وشارك فيه أيضًا ممثلا جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي المعتمدين لدى المنظمة الدولية». واستعرض الاجتماع «جهود دول جوار السودان لتسوية الأزمة، واتصالاتهم بمختلف الأطراف السودانية، والتنسيق القائم بين دول الجوار والآليات الأخرى التي تتناول الأزمة في السودان».

ووفق البيان «جرى التشاور وتبادل الرؤى حول أولويات التحرك خلال المرحلة القادمة، والاتفاق على اتخاذ تدابير عملية للتوصل لوقف إطلاق نار مُستدام في السودان»، دون تفاصيل بشأن تلك التدابير. كما جرى الاتفاق على «شحذ الجهود الدولية للاستجابة للوضع الإنساني، بما في ذلك توفير الدعم المطلوب لدول الجوار التي تستضيف أعدادًا كبيرةً ومتزايدة من السودانيين». واتفق وزراء الخارجية على «عقد الاجتماع الوزاري الثالث لدول جوار السودان في القاهرة في تاريخ قريب (لم يحددوه)».