أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن وسط البحر الأبيض المتوسط، وتحديدا للقادمين من سواحل ليبيا وتونس، هو أحد أكثر طرق الهجرة فتكا بالأطفال في العالم.

وسجلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصول أكثر من 90 ألف شخص عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا بين يناير 2023 و9 يوليو 2023. وجرى وصول معظم هؤلاء الوافدين (77%) عبر طريق الهجرة في وسط البحر الأبيض المتوسط. هذا الطريق، الذي يشير إلى المسار البحري الذي يربط شمال أفريقيا، خاصة تونس وليبيا، بإيطاليا، هو من بين أكثر الطرق استخداما وأخطرها، حسب المنظمة الأممية. 

- بعد أزمة ترحيل مهاجرين قرب ليبيا.. تونس توجه رسالة طمأنة للسفراء الأفارقة 
- رئيس «مكافحة الهجرة غير الشرعية» بالمنطقة الشرقية في حوار لـ«الوسط»: ليبيا تحارب المافيا العالمية وحدها.. ونرفض محاولات توطين المهاجرين

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يمثّل الأطفال 16% من 69600 لاجئ ومهاجر سلكوا طريق الهجرة في وسط البحر الأبيض المتوسط منذ يناير 2023، وهو ما يمثّل ما يقرب من 11600 طفل، ويشكّل متوسط 428 طفلا في الأسبوع. وتضاعف هذا الرقم مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022، على الرغم من المخاطر الرهيبة التي ينطوي عليها الأمر، ومعظمهم من أفريقيا أو الشرق الأوسط. وقد أجروا بالفعل هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر قبل الشروع في ركوب قوارب الموت من ليبيا أو تونس.

أكثر طرق الهجرة فتكا بالأطفال في العالم
في هذا السياق، قالت مسؤولة ملف الهجرة والنزوح في «يونيسف»، فيرينا كناوس، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، الجمعة الماضي، إن وسط البحر الأبيض المتوسط هو أحد أكثر طرق الهجرة فتكا بالأطفال في العالم، الذين ما زالوا يفرون من ديارهم بسبب النزاعات وتغير المناخ. وأضافت: «هذا العام، لقي 289 طفلاً حتفهم في البحر، أي ما يعادل وفاة 11 طفلاً كل أسبوع، وهو ما يتجاوز بكثير ما نسمعه في عناوين الأخبار، ويمثّل ما يقرب من ضعف عدد الأطفال الذين ماتوا في البحر العام الماضي».

وأوضحت «كناوس»: «من المرجح أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع بكثير، لأن العديد من حالات غرق الزوارق على معبر وسط البحر الأبيض المتوسط لا تخلّف أي ناجين ولا يجري تسجيلها، مما يجعل من المستحيل عملياً التحقق من العدد الحقيقي للضحايا من الأطفال». ووفقا لـ«يونيسف»، تضاعف عدد الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم بمعدل ثلاث مرات في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2023، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هؤلاء الأطفال يمثّلون 71% من جميع الأطفال الذين يصلون إلى أوروبا عبر طريق وسط البحر الأبيض المتوسط.

كما حذرت الوكالة الأممية من أن الفتيات اللواتي يسافرن بمفردهن معرضات بشكل خاص للعنف قبل وفي أثناء وبعد رحلاتهن. وفي مواجهة الأخطار التي يواجهها الأطفال، تدعو «يونيسف» بلدان المنشأ والعبور إلى معالجة مخاطر الصراع والمناخ من خلال توسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية، ومنحهم المزيد من الفرص للتعلم وكسب عيشهم. كما تدعو المنظمة الدولية الاتحاد الأوروبي إلى أخذ هذه النقاط في الاعتبار في ميثاقه بشأن الهجرة واللجوء، والذي يجري التفاوض عليه حاليا.

بالنسبة لـ«يونيسف»، لا يمكن للمجتمع الدولي أن «يستمر في تجاهل ما يحدث، ويظل صامتا، لأن ما يقرب من 300 طفل - طائرة كاملة مليئة بالأطفال - يموتون في المياه بين أوروبا وأفريقيا في غضون ستة أشهر فقط». مع ذلك، وفي ضوء هذه الأرقام والصمت الذي يحيط بالعديد من هذه الوفيات التي يمكن الوقاية منها، يبدو أن العالم يتجاهل عن عمد ما يحدث.