كشفت جريدة «ذا تلغراف» البريطانية عمل الحكومتين البريطانية والإيطالية على اتفاق مشترك جديد، لوقف تدفق المهاجرين في البحر المتوسط، وإعادتهم مجددا إلى شمال أفريقيا.

وذكرت الجريدة البريطانية أن رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، أرسل سكرتير مجلس الوزراء رئيس جهاز الخدمة المدنية، سيمون كيس، إلى روما منتصف يونيو الماضي، حيث عقد اجتماعات استمرت على مدى يومين مع مسؤولين من الحكومة الإيطالية، للعمل على الاتفاق.

ونقلت «ذا تلغراف» عن مصدر بالحكومة البريطانية، لم تذكر اسمه، قوله: «سكرتير مجلس الوزراء عقد في روما لقاءات مع مسؤولين رفيعي المستوى، لمناقشة تعاون أوثق لمكافحة الهجرة. هذه القضية أولوية لرئيس الوزراء والشعب البريطاني».

لقاء سوناك وميلوني وبحث مكافحة الهجرة
يأتي ذلك عقب لقاء جمع سوناك ونظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني، في أبريل الماضي، حيث اتفقا على الحاجة لمنح الأولوية للتعاون بشأن مكافحة الهجرة غير المشروعة، ووضع إستراتيجية جديدة للشراكة حول الهجرة.

وأفادت «ذا تلغراف» بأن «إستراتيجية الشراكة حول الهجرة» بين بريطانيا وإيطاليا تعكس الخطوط العريضة للاتفاق مع فرنسا، الذي يقوم على مشاركة المعلومات حول مهربي البشر، وتنفيذ عمليات مشتركة، وتنسيق العمل بين قوات حدود البلدين ووكالات الجريمة ذات الصلة.

مساعٍ إيطالية لكبح وصول المهاجرين إلى أوروبا
قالت الجريدة إن بريطانيا تدعم المساعي الإيطالية لإبرام اتفاق مع تونس بشأن عودة المهاجرين إلى شمال أفريقيا على غرار الاتفاق الأوروبي مع ألبانيا، وذلك في إطار حزمة مساعدة أوروبية بـ860 مليون إسترليني مقدمة إلى تونس.

وتعمل ميلوني على تقديم إجراءات جديدة بشأن الهجرة، تشمل إنشاء مراكز للاحتجاز والترحيل خاصة بعمليات الترحيل السريعة للمهاجرين غير الشرعيين، وتوفير مسارات آمنة وقانونية للاجئين والمهاجرين المخول لهم دخول أوروبا، حسب «ذا تلغراف».

وتعد ميلوني واحدة من بين ثمانية قادة أوروبيين يحثون الاتحاد الأوروبي على اتباع حذو بريطانيا، وإبرام اتفاقات على غرار اتفاقها مع رواندا، لتقليل عبور المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا. كما لعبت أخيرا دورا رئيسيا في إصلاح قواعد الهجرة في الاتحاد الأوروبي، لمنح الدول الأعضاء مساحة أكبر لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، وفق الجريدة البريطانية.

ميلوني تدعو إلى معالجة «الحركات الأولية» لتدفقات المهاجرين
إيطاليا تطالب بموازنة أوروبية تراعي عدم الاستقرار في شمال أفريقيا
منظمة الهجرة: الطريق التونسي للهجرة أصبح أكثر خطرا من المسار الليبي
الاتحاد الأوروبي يبحث عن اتفاق مع تونس لمكافحة الهجرة
إيطاليا تنظم مؤتمرا دوليا لمكافحة الهجرة من شمال أفريقيا

وجعلت روما من توثيق العلاقات مع دول المعبر في شمال أفريقيا، مثل ليبيا وتونس، حجر أساس في سياستها المتعلقة بالهجرة، وترغب في أن تتبنى الكتلة الأوروبية نهجا مماثلا.

وقال المصدر الحكومي البريطاني لـ«ذا تلغراف»: «العلاقة التي أسسناها مع حكومة ميلوني وثيقة للغاية. نقوم بمشاركة المعلومات والأفكار، ونتطلع للعمل معا في شمال أفريقيا، خصوصا في ليبيا وتونس».

الهجرة غير المشروعة من ليبيا
في هذا السياق، تطرق تقرير أخير للحكومة البريطانية بشأن التأثير المحتمل لمشروع قانون الهجرة غير المشروعة إلى اتفاق أبرمته إيطاليا مع ليبيا في العام 2017، واعتبره نموذجا للكيفية التي مكنت بها المساعدات المالية ليبيا من خفض المهاجرين العابرين شواطئها صوب أوروبا من 181 ألفا إلى 39 ألفا خلال العام 2023.

وقال التقرير: «هذا المثال، الذي يعود للعام 2017، يشرح كيف يمكن لحزمة من المساعدات التي تستند إلى علاقات ثنائية قوية، مقارنة بالعمل بين بريطانيا وفرنسا، وترتيبات واضحة لعودة المهاجرين، أن يكون لها تأثير كبير على عمليات العبور في البحر المتوسط».

يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه وزراء الحكومة البريطانية لتقديم نظام سريع يتعامل مع طلبات اللجوء، في محاولة للوفاء بتعهدات رئيس الوزراء سوناك بإنهاء أزمة طالبي اللجوء التي تعود إلى سنوات مضت، وتقليل نفقات تعادل ستة ملايين إسترليني يوميا، هي تكلفة إيواء أكثر من 45 ألف مهاجر في بريطانيا.

مخاوف متنامية بشأن الهجرة من شمال أفريقيا
تتزايد المخاوف بشأن زيادة وتيرة الهجرة غير المشروعة من شمال أفريقيا إلى أوروبا خلال الصيف، مع وصول 62 ألف مهاجر إلى إيطاليا منذ بداية العام، مقارنة بـ25 ألف مهاجر عبروا البحر المتوسط خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

ويعتقد نواب بالبرلمان البريطاني أن قرار المحكمة الأخير بشأن منع رحلات ترحيل المهاجرين إلى رواندا سيشجع مهربي البشر على إغراء مزيد المهاجرين للعبور إلى أوروبا من شمال أفريقيا، وفق الجريدة البريطانية.

ونقلت «ذا تلغراف» عن مصدر آخر بالحكومة البريطانية، لم تذكر اسمه: «إذا أردنا تحقيق نجاح في التعامل مع الهجرة غير المشروعة علينا التعامل مع منبع المشكلة، والتركيز كذلك على القوارب الصغيرة».