سجل ميزان مدفوعات النقد الأجنبي عجزا بمقدار 900 مليون دولار خلال شهر واحد، وفق بيانات صادرة عن المصرف المركزي خلال مايو وأبريل، وهو ما أثار التساؤلات بشأن مستقبل هذه الهوة حتى نهاية العام الجاري، والإجراءات التي يمكن أن تتخذها حكومة عبدالحميد الدبيبة لتحجيم هذا الخلل بدلا من اللجوء إلى احتياطي النقد الأجنبي.

وحسب آخر بيانات رسمية صادرة عن المصرف المركزي، فقد سجل ميزان مدفوعات النقد الأجنبي خلال الفترة من يناير وحتى نهاية أبريل الماضي عجزا بقيمة 8.8 مليار دولار، إذ بلغت الإيرادات الموردة إلى مصرف ليبيا المركزي 6.3 مليار دولار، في حين بلغ إجمالي استخدامات والتزامات الدولة 15.1 مليار دولار، خلال الفترة ذاتها.

بيانات المركزي من يناير إلى أبريل
جاء ذلك بعد بيانات سابقة صدرت عن المصرف المركزي خلال الفترة من يناير إلى مارس الماضي، وأظهرت عجز في ميزان مدفوعات النقد الأجنبي بقيمة 7.9 مليارات دولار، إذ بلغت الإيرادات 5.3 مليار دولار، بينما بلغ إجمالي الاستخدامات والالتزامات مبلغ 13.2 مليار دولار. 

ووصف المحلل الاقتصادي إدريس الشريف، اتساع هذه الفجوة بأن «ثقبا أسود يتمدد ويتسع»، وقال: «كان يمكن أن يتجاوز هذا العجز مبلغ 11 مليارا لولا ورود مبلغ (عارض)، وهو إتاوات عن سنوات سابقة بقيمة 2.3 مليار دولار.

- للاطلاع على العدد 390 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا 
- المصرف المركزي: 15 مليار دولار استخدامات النقد الأجنبي خلال 4 أشهر
- بيانات المركزي: 31.9 مليار دينار إيرادات البلاد من يناير إلى أبريل الجاري

ووفق بيان الإيراد والإنفاق الحكومي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، بلغ إجمالي إيرادات المبيعات النفطية 19.1 مليار دينار.
فيما ذكرت آخر أرقام رسمية صادرة عن المؤسسة الوطنية للنفط، أن إنتاج الخام بلغ مليونا و222 ألف برميل يوميًا، فيما بلغ إنتاج المكثفات 18 ألف برميل يوميًا.

وقال الشريف، في منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن «تقرير المصرف المركزي عن الإيراد والإنفاق الحكومي وموارد واستخدامات العملة الأجنبية يؤكد أسوأ توقعاتي عما ورد في تقريره عن الربع الأول من هذا العام»، معربا عن دهشته من أن «أسعار النفط وحجم الإنتاج كانا في أفضل مستوياتهما خلال هذه الأشهر التي تحقق فيها العجز».

النفط الليبي.. مستويات قياسية
وخلال السنة الماضية، حقق قطاع النفط في ليبيا مستويات قياسية غير مسبوقة منذ 2013، محافظا على معدلات إنتاج فوق المليون برميل يوميا، مما عزز آمال الانفراجة الاقتصادية، باعتبار النفط يشكل المصدر الرئيسي للدخل، وفي ضوء خطط لزيادة معدلات الإنتاج خلال الأعوام القليلة المقبلة.

ويكرر رئيس المؤسسة الوطنية للنفط لدى ليبيا، فرحات بن قدارة، الحديث عن طموح بزيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا. كما توقّع وزير النفط والغاز بحكومة الوطنية محمد عون، ارتفاع إنتاج النفط تدريجيا بين 1.3 مليون و1.5 مليون برميل يوميا خلال هذا العام (2023)، مشيرًا إلى أن تحقيق هذا الهدف يتوقف على آلية نشاط مؤسسة النفط الليبية، وإنجاز أعمال تطوير الآبار.

في حين توقّعت بعثة صندوق النقد الدولي نمو إنتاج النفط والغاز في ليبيا بنحو 15%، خلال العام 2023، بعد زيادة إنتاج النفط إلى نحو 1.2 مليون برميل يوميًا.
في هذه الأثناء، أظهرت الأرقام الصادرة عن المصرف المركزي، أن الترتيبات المالية حققت فائضا نقديا يقدر بسبعة ملايين دينار من يناير إلى أبريل، إذ بلغ إجمالي الإيرادات 31.9 مليار دينار، مقابل إجمالي الإنفاق الذي سجل 24.9 مليار دينار.

فائض «وهمي» في الميزانية
لكن المحلل الاقتصادي إدريس الشريف، وصف هذا الفائض بـ«الوهمي»، وقال إنه «تحقق بسبب الإتاوات المستحقة عن سنوات سابقة، وبدأ يتآكل حسب التقرير، مما يؤكد أن الإيرادات السيادية الشهرية من النفط وغيره لم تعد كافية لنفقات الحكومة الشهرية».
ونبه الشريف إلى أن استيراد المحروقات لم يعد يظهر في بيان نفقات الحكومة، إذ لم تعلن المؤسسة الوطنية للنفط عن حجمه وقيمته التي تقدر بالمليارات حتى الآن، ولم تعد تنشر بيانات عن مبيعات النفط الشهرية، أو القيمة المحتجزة منها، أو كميات وقيم المحروقات المدعومة المستوردة عن طريقها».