حذَّرت دراسة أممية من اتساع دائرة الفقر في لبنان، إذ قالت إن ثلاثة أرباع السكان (74%) يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، وترتفع هذا النسبة إلى 82% إذا ما أُخذ في الاعتبار حساب أبعاد أوسع من الدخل، كالصحة والتعليم والخدمات العامة.

وأوضحت الدراسة التي أعدتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا (الإسكوا)، أن الفقر المدقع المتعدد الأبعاد، أي حالة الحرمان في بُعدين أو أكثر من أبعاد الفقر، طالت 34% من السكان، وفي بعض المناطق اللبنانية أكثر من نصفهم.  يشار إلى أن المفهوم الجديد «الفقر المتعدد الأبعاد»، يُقاس بقياس الحرمان في ستة أبعاد أساسية، هي: التعليم، والصحة، والخدمات العامة، والمسكن، والأصول والممتلكات، والعمل والدخل.

وقالت الدراسة إنه «نظرًا إلى معاناة جميع شرائح المجتمع اللبناني على حد سواء من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة، فقد أصبحت نسبة الفقراء من ذوي أعلى درجات التحصيل العلمي تقارب نسبة الفقراء من ذوي أدنى الدرجات»، كما أن نسبة الأسر المحرومة من الرعاية الصحية قد ارتفعت إلى 33%، كما ارتفعت نسبة الأسر غير القادرة على الحصول على الدواء إلى أكثر من النصف.

وتأتي هذه الدراسة بعد عام من إصدار «الإسكوا» تقديراتها حول ارتفاع معدّلات الفقر في لبنان في العام 2020؛ إذ  أشارت إلى أن الفقر طال 55% من السكان تقريبًا، بعد أن كان 28% منهم يعانون منه في العام 2019. واليوم، تصدر «الإسكوا» تحديثًا جديدًا للبيانات، يُقدِّر أن نسبة السكان الذين يعانون  الفقر المتعدد الأبعاد قد تضاعفت تقريبًا بين العامين 2019 و2021 من 42% إلى 82%.

دعوة إلى إنشاء صندوق وطني للتضامن الاجتماعي لتخفيف الأزمة
وأمام هذا الواقع، جدَّدت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي الدعوة إلى إنشاء صندوق وطني للتضامن الاجتماعي للتخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية. وذكّرت أنه في العام 2020، كانت «الإسكوا» قد قَدّرت أنه يمكن للعُشر الأغنى من اللبنانيين، الذين كانوا يملكون ثروة قاربت 91 مليار دولار آنذاك، تسديد كلفة القضاء على الفقر من خلال تقديم مساهمات سنوية لا تتعدى نسبة 1% من ثرواتهم.

وتذكّر الدراسة أن الصدمات المتداخلة لسعر الصرف، الذي كان ثابتًا منذ مطلع القرن، ولَّدت ضغوطًا هائلة، فانخفضت قيمة العملة وارتفعت معدلات التضخّم في الفترة من يونيو 2019 إلى يونيو من هذا العام بنسبة 281%. فتدنى المستوى المعيشي للسكان اللبنانيين وغير اللبنانيين، وانتشر الحرمان.

وشدَّدت دشتي على أهمية التضامن والتعاون بين جميع مكوّنات المجتمع اللبناني للحد من تداعيات الأزمة. ودعت إلى وضع خطط فعّالة للحماية الاجتماعية تكون أكثر تلبية لاحتياجات الفقراء، وخاصة الذين يعانون الفقر المدقع المتعدد الأبعاد، وإلى توسيع نطاقها لتشمل العاطلين عن العمل.