قرأت الكثير عما كُتب عن الفنانة العمانية عالية الفارسي، ولكنني أخذت أكثر بما كتبه الأستاذ محمد بن سيف الرحبي عن هذه المبدعة، وأقتبس لكم من مقالته الشائقة البليغة هذه الفقرة، التي لخصت بالفعل الكثير من هدير إعجابي الدافق بلوحاتها المتنوعة، إذ يقول: «في كل لوحة تقترب الفنانة عالية الفارسي أكثر من ذلك المختلف الذي تريد كتابته. لا الرجال هم ذاتهم الذين يكتبون أسماءهم على مفكرة العمر، وفي رأس كل منهم «شهريار» يطلب المزيد من الحكايات، ولا النساء هنّ النساء اللاتي تراهن كشهرزاد يمضغن الحكاية واحدة تلو الأخرى، كأنما المقصلة في الأعلى، تقف عليها الفنانة عالية الفارسي، ترمق شخصياتها من علوّ، وتتأمل زوار «الرواق». رجال يبحثون في الوجوه عن ذواتهم، ونساء يتأمّلن في اللوحات كمرايا، تقول ولا تقول، تكاد تبوح ولا يخرج الصوت، ينثرن بقايا الحكاية على إطارات اللوحات، فيتساقط المطر من على الحواف، ويكاد يرين في الوجوه وجوههن، حتى في وجوه الرجال ثمة حضور لهن، ويثور السؤال: أي معنى يبقى في الألوان؟ وأي معنى آخر لا تدركه الألوان.. وعلى الزائر أن يقبض عليه مما يقدر عليه من حروف لا تقولها الأعين، ولا ريشة عالية..».

قد يقبل الليل والمرء مأخوذ بحكايات وألوان لوحاتها
وماذا تجدي الكلمات؟! عندما يُؤخذ المشاهد، وتأسره الألوان والرموز، يعيش ساعات تأمل لبدع لوحات الفنانة عالية الفارسي، وقد يقبل الليل وهو مأخوذ بحكايات وألوان لوحاتها، حتى تتلون السماء بألوان الفجر البديعة. عن لوحاتها، ورموزها، أسهب بإبداع الأستاذ الرحيبي، وليس بمقدوري أن أضف، إذ لم يترك لقلم فرصة يتباهى بها بإضافة أبدع مما كتبه.

قدمت معرضها الفردي الأول العام 2009
إن كل ما استطعت معرفته عنها أنها قدمت معرضها الفردي الأول العام 2009، ثم تواصلت معارضها الفردية، وكذلك ورشها الفنية في دول عربية وغربية، منها كوريا وباريس وطوكيو وبلجيكا واستوكهولم والصين والكويت. شاركت في بينالي فينيسيا ولندن، وفي آرت أبوظبي. وحازت الفنانة العمانية مجموعة من الجوائز، منها المركز الأول لجائزة الدكتورة سعاد الصباح في الكويت، والمركز الثاني في أسبوع عمان الثقافي.

تأثرت بكتابات جلال الدين الرومي وشمس التبريزي
جذورها الثقافية الأساسية تأسست بتأثير قراءتها كتابات جلال الدين الرومي وشمس التبريزي. أقامت معرضها الأول العام 2009، معتمدة على مواد معاد تدويرها، بينما يظل الورق بشكل خاص مادة أساسية للوحاتها، إلى أن تواصلت تقنياتها، دامجة اللون مع المواد المختلفة. صممت العديد من أغلفة روايات، ناهيك عن أعمال فنية أخرى ومنحوتات يدوية متنوعة.

رواق عالية الفارسية مركزا للحفاظ على هويتها
أما رواق عالية الفارسية فيعد الآن مركزاً فنياً حديثاً في مسقط، وأصبح قبلة لكل متذوق للفن، متطلع لرؤية تجربة مختلفة في الفن التشكيلي، المتأسس على تجلي أفكار صوفية في لوحاتها التي تعكس عديد تفاصيل المرأة المتمسكة بالروح وصفائها. إنها، باختصار شدبد، كفنانة تشكيلية تستحضر الفنّ كأداة للحفاظ على هويتها، والتعبير عن أفكارها ورؤاها، محتفية، في الوقت نفسه، بثقافة وطبيعة سلطنة عُمان، كما ذكرت في أكثر من مشاركة رسمية محلية، ودولية.