كتب الفنان التشكيلي والناقد الفني (عدنان بشير معيتيق) عنه الشاعر الفنان الكيلاني عون يقول: « هندسة الرسم الخام بطفولة الدهشة وإدراك الكبار لفهم تشكيلي معاصر جدا، بعيدا عن كل المحسنات التشكيلية المعروفة، وعدم الاختباء وراء التقنيات الأكاديمية الصارمة، فالرسم عنده كحالة المتبقي من الكلام البعيد عن القواعد اللغوية «النحو والصرف» وفلسفات التنظير، وقضايا التشكيل المعروفة والسائدة من معالجات الضوء والظل ومحاكاة الطبيعة والحياة، تلك الحالة التي دائما يرتع فيها الشعراء والدراويش، المتجهين والمنتبهين دائما وأبدا إلى أصوات الداخل العميق.
وجوه في سائل أزرق كأنها تستغيث، فراشات، طيور، فتيات صغيرات في حالة طيران، سمكة وحيدة، ظل غيمة، زهرة في قنينة، دموع الكائن الأزرق، شجرة، سمكة تركض باتجاه الغابة، منازل، مساحات بيضاء، رائحة الغياب، رسم الفراغ في عملية يصفها صاحبها دائما بأنها حالة تفصح عن طفولتها، عن هذيان عصيٍّ وحزي ».
الرسم برهافة الشعر
ثم، وهل هناك ما يضاف من بعد توصيفه لرسم هذا الفنان بـ «النزعة الفطرية في الرسم برسومات مبللة برهافة الشعر وعالم الطفولة» سوى أن نعرف أن الفنان الكيلاني عون تعلم الرسم ودرسه كهواية، وبشكل خاص، فتأملنا رسمه وكأنه يلقي علينا قصيدة رمزية ويقولعن تجربته:
«لم أتدرّج أكاديميّاً ولم أتذوّق الفطامَ الغربي، فقط سنحتْ لبعض جدران منزلي أن تأخذ دورها في تحمّل ثرثرتي اللونية، فتتدلّى الأسماكُ وبقايا ظلال الراحلين.. الرسم كان تعبيراً عن حجم الفراغ ذاته ـ فراغ النزهة بانتظار ما لا يحدث ـ وربما أيضاً لمحاولة التخلّص من وهم الكتابة والتعبير بشكلٍ مغاير، غالباً أرسم وأنا أتذكَّر شجرةً أو بيتاً أو شخصاً لم يعد بالإمكان رؤيته. لا أُفكِّر في طريقة للتعبير، أترك الأمر يفصح عن طفولته، عن هذيان عصيٍّ وحزين » .
شاعر يرسم بكلماته شعرا ملونا وبليغا
ولم يعد لدي ما أقول سوى أن الكيلاني عون، من مواليد تونس سنة 1959، درس الفن بشكل شخصي، شارك في عدد من المعارض، وهو شاعر يرسم بكلماته شعرا ملونا وبليغا كهذه الأبيات:
بيديَّ موَّهتُ ثقوباً كثيرة
في مركب الصواب
لتغرق الثعابين والخير المدمَّى
بينما أحلم بهزيمةٍ
أتزوّجها بعيداً عن كذبة النصر
وننجبُ بمشيئةِ الخوف
بعضَ الجدران
نسمِّيها الحياة التي
تقشعرّ منها الطرقات
هزيمة
تكون أقلّ وطأةً
من علامات النصر الشحّاذ
تعليقات