Atwasat

الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط

القاهرة - بوابة الوسط: محمد عقيلة العمامي الثلاثاء 24 أغسطس 2021, 08:03 صباحا
WTV_Frequency

الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط

تفتُق بذرة الموهبة من رحم المعاناة يخلق بالضرورة الإبداع، والمعاناة ليست بالضرورة البؤس والضيق، وإنما من خلال كفاح يمنح المبدع ثقة، تجعله يلج الأبواب كلها وينثر بذور أزهاره في كل مكان، تصبح أنامله، خلاقة تصنع الجمال والنماء، حيثما تصل.

خريجوا المدارس  الليلية أصبحوا سندا  في قيام المملكة الليبي

هكذا كان جيل مدينة بنغازي مطلع قيام دولة المملكة الليبية، جيل شب في مدينة صغيرة دكتها قنابل الحلفاء، فيما كان يعيش سكانها على نبات الحلفاء والملح، والغيث النافع. وظفت بلدية المدينة في مطلع الاستقلال، في تنظيف شوارعها من مخلفات الحرب. دفع الفقر والعوز توظيف الأسر لأطفالها أن يعملوا في تنظيف وكنس المدينة من أكوام الدمار، وشق على الخيرين أن يروا أطفال مدينتهم يدفعون صباحا بعربات تجميع تلك المخلفات في حين أنه ينبغي أن يتجهوا إلى مدارسهم! فأسس لهم الخيرون مدرسة تسمت في البداية بمدرسة الكناسين، ولكن شق عليهم الاسم، فغيروه إلى مدرسة المدارس الليلية. عدد كبير من خريجي هذه المدرسة أصبحوا سندا حقيقيا في قيام المملكة الليبية، بل منهم قضاة يشار إليهم بالبنان حتى الآن.

أقواس الفندق البلدي  كمسرح  أمام شارعهم 

في هذا الواقع، سنة 1949ولد الفنان محمد نجيب الشطشاط، في بنغازي غير بعيد عن الفندق البلدي، سوق البلاد، المزدهر، بمهرجان ألوان الفواكه، والحبوب، والخضروات، ونماذج متباينة من المهن والتخصصات. فكانت أقواس الفندق البلدي الممتد أمام شارعهم كمسرح يتأمله كل يوم بسلعه وبشخوصه، وملامحهم، ولباسهم، وتخصصاتهم، فلاحين قادمين بخيرات أرضهم الملونة، قصابين، عمال، حمقى ونصابين، مغامرين ومقامرين، وكتبة الأحجبة والتمائم وعروض الحال والأحوال.

رحل والده في سن مبكرة التحق بالعمل في شركة يونانية، هي التي قامت بردم سبخة بنغازي الكبيرة، وهي التي أسست لحواجز الميناء، وظل يعمل طوال النهار في ميناء بنغازي وتخومها، مواصلا دراسته المسائية، تعلم اللغة اليونانية وتأثر بسلوكهم، وثقافتهم الجديدة عليه، فاتسعت ثقافته ومعارفه.

سنة 1969 انتهت أعمال الشركة وغادرت، فكانت فرصة لتتكرر زيارته إلى الجبل الأخضر، إلى مدينة شحات التاريخية تحديدا، والبقاء هناك لفترات، فلقد كان له أقارب. وكانت تلك فرصة لملكة الإبداع أن تتأمل المنحوتات الرخامية التاريخية الإغريقية، بل ويحاول تقليدها، بطين الأرض، ثم بالجبس.

وعاد إلى بنغازي والتحق بالعمل في إدارة المحاكم والنيابات. واستثمر وقت فراغه، في تطوير موهبته، وتحسس طريقه وأسلوبه الفني. وأقام أول معرض في الستينات، وثمّنه النقاد، وكانت تلك هي البداية.

أتاح له الأستاذ الأديب محمد علي الشويهدي نشر رسوماته النقدية بصحيفة الحقيقة، وكذلك شجعه الدكتورعلي فهمي خشيم. وكانت مشاركته في برنامج النشاط المتكامل سنة، الذي أشرف عليه الأستاذ حسن بن دردف 1966 مع التشكيلين رمضان البكشيشي وفتح الله ربيع، هي الفرصة الحقيقة لبروزه وانتشاره.

ثم انتقل للعمل بالمؤسسة العامة للصحافة بمجلة الثقافة العربية، رساما مصاحبا لما تنشره من إبداعات في القصيدة والقصة والمقالة والدراسة، وذلك ما زاد من ثقافته، واستفادته بقراءاته مما ينشره لتكوين شكلا يتناسب والموضوع.

في تلك الفترة تأثر بالفنانين المصريين محمد حجي وجمال قطب، في الرسم بالحبر الأسود فأبدع فيه. ولرغبته في متابعة الفنون التشكيلية تعلم اللغة الإنجليزية، وكانت وسيلته بالتواصل مع جامعة كوريا، وإقامة معرض هناك، وتبرع بعدد من لوحاته ومنحت له شهادة قيمة في مجال تخصصه.

أسس مرسم جامعة العرب الطبية عام 1984، وقام بإحياء مرسم مركز المتفوقين وعمل مدرسا متعاونا منذ عام 1993، وصمم العديد من الأعمال الفنية يدويا ورقميا للمركز. رسم وصمم شعارات عديدة يدويا ورقميا. يعمل متعاونا مع جامعة بنغازي كرئيس للمرسم الجامعي. ويعمل مستشارا إعلاميا، ومسؤول الموقع الإلكتروني، وكذلك لموقع الهيئة الوطنية لرعاية الموهوبين والمتفوقين. في مطلع تسعينيات القرن الماضي، أسس جماعة الثلاثة المكونة منه ومن الأستاذ الفنان رمضان البكشيشي، والفنان الراحل فتحي العريبي.

أقام معارض فردية في الساحات الشعبية بمدينة الجزائر، وروما، ومارسيليا، ووارسو، وموسكو، وكوريا، وجينيف، ناهيك عن المعارض الفردية والجماعية المحلية.

هذا موجز مختصر لمسيرة الفنان محمد نجيب الشطشاط، الإبداعية، التي تواصلت لستين عاما فتأسست رؤيته الفنية التي ترى أن التجريد الانطباعي هو المحطة، التي في الغالب، تكون ما قبل الأخيرة للتعبير عن مكنونات سمو النفس ومن محاولات جادة لتحرير الشكل من المضمون وللبحث عن المتناه في الصغر ليصير شكلا معبرا ممتزجا مع ما يحيط به وفق ديناميكية لونية مستمرة لا تتوقف.

الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط
الفنان التشكيلي محمد نجيب الشطشاط

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مرممون إيطاليون يحاولون إعادة أعمال فنية منهوبة إلى حالتها الأصلية
مرممون إيطاليون يحاولون إعادة أعمال فنية منهوبة إلى حالتها ...
بنغازي تطلق اسم الأديب سالم الهنداوي على مركزها الثقافي
بنغازي تطلق اسم الأديب سالم الهنداوي على مركزها الثقافي
مسرحية بطلها أصوات مشجعي كرة القدم في أوبرا باستيل الباريسية
مسرحية بطلها أصوات مشجعي كرة القدم في أوبرا باستيل الباريسية
معرض عن علاقة الحب بين مدريد والمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار
معرض عن علاقة الحب بين مدريد والمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار
مهرجان المسرح المصري يكرم رموز الفن والنقد خلال دورته الـ17
مهرجان المسرح المصري يكرم رموز الفن والنقد خلال دورته الـ17
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم