منذ ثلاث سنوات نشرت بوابتنا مقالة عن الفنان التشكيلي الليبي عبدالرزاق الرياني - http://alwasat.ly/news/art-culture/209680 - الذي ظللّتُ مأخوذا بلوحاته التي تميزت بدقة تفاصيلها وروعة ألوانها، كان ذلك عندما وقفت أتأمل موديلا لجميلة من بلادي ترتدي زينا الليبي، ذلك الرداء الذي أعادني إلى شبابي، فلقد كان، في ليبيا، مصنعي شفيق خزام، وعبدو أسماعيل في بنغازي، أما في طرابلس فكان هناك أكثر من مصنع، لعل مصنع( بوحجر) و(العبارة) و(اندير)من أشهرها غير أن عروس بحرنا، تميزت بكثرة الأنوال اليدوية لنسيج الأردية التقليدية الليبية، داخل مدينة طرابلس فعرفت في مناطق (زنقة النساء – سوق الحرير) المتفرع من سوق الترك.

تجلس العروس  في صوان دار المقعد كملكة حقيقية

كان الزى الليبي بتفاصيله، وألوانه تختاره العروس من النساجين، الذين ينتقون له أفضل أنواع الحرير، ويبدعون في صباغتها بألوان ما زلت أذكرها، منذ أن لبست نسوان شارعنا القديم، وعائلتي يوم (تسنديرهن) صباحية زفافهن، فتجلس في صوان دار المقعد كملكة حقيقية، وهي توزع على أطفال العائلة قروشا، يتركها لها عريسها، من ليلة الزفاف، كانت تلك القروش كثروات باذخة للأطفال الذين ينطلقون بها نحو ما يحبون، من أمام سينما النهضة، أو من (مقروض) الحلواني اليهودي في سوق سيدي على اللوحيشي.

النساج بشير العبارة، أفضل من ينسج الرداء الزنزاري

أذكر أن أول شقيقاتي، ولا أعلم كيف عرفت أن الأردية الحريرية لها نساجوها، وكان أفضلهم في طرابلس، وكيف أنها أخبرتني بأن النساج بشير العبارة، أفضل من ينسج الرداء الزنزاري، وهو لمن لا يعرف لون (الموف) إذ يشرف بنفسه على صباغته، ولعل ابنه الفنان الدكتور عبدالرزاق العبارة، امتلك حسه الفني من جمالات ألوان تلك الأردية، صحيح أنه لم يكن تشكيليا، لكنه فنانا مسرحيا ذواقا.

 لوحة (الًلاَ) ظل يرسمها خمس سنوات كاملة،

لوحته المبدع عبدالرزاق الرياني، التي تحمل عنوان «الّلا»، التي قال: «اسمها  بمعنى السيدة، وهو خطاب توقير للمرأة في اللهجة الدارجة الليبية»، هو اللون «الزنزاري» الذي ظللت مأخوذ به منذ طفولتي، ولذلك ما أن شاهدته حتى ظللت أتابع إبداعات عبقرية تشكيل هذا الفنان. لوحة (الًلاَ) ظل يرسمها خمس سنوات كاملة، وهي التي عرضها أثناء مناقشة رسالته لنيل الدكتوراه. مبينا، مثلما قال: «الفكرة جاءت تكملة لسلسلة من اللوحات التي رسمتها عن الزي الليبي التقليدي.. بس هذه اللوحة أعطيتها وقتا واهتماما أكثر من سابقاتها».

يمتاز باهتمامه بالتفاصيل الدقيقة جدا 

الدكتور عبدالرازق الرياني من مواليد 1968، فيما شاهدت هذا الرداء قبل عشر سنوات من ميلاده! هذا الفنان العبقري درس الفنون الجميلة في ليبيا، ثم نال على درجة الماجستير في إيطاليا، وحصل على جائزة الترتيب الأول بمسابقة الرسم والنحت التي نظمتها جامعة روما سنة 2003. أسلوبه في الرسم بين أسلوب المدرسة الواقعية والواقعية الجديدة، يمتاز باهتمامه بالتفاصيل الدقيقة جدا ، مستعملا «الظل والضوء والألوان في اللوحة بشكل مختلف عمَن اختاروا منهج الواقعية في الرسم».

ويضيف الرياني - http://alwasat.ly/news/art-culture/31695 - على أعماله التي تجسِّد الواقع الليبي، وتعبر عن إحساس اللحظة، ويتفنن في استخدام تعابير الوجوه الليبية. إبداعه في الرسم لم يقف إلى حد التوثيق بل تصوير الذات والروح التي تتجسد في الحركة والنظر إلى حد التأثر بالمشهد المصور.

الفنان عبدالرزاق الرياني

الفنان عبدالرزاق الرياني ولوة (اللا)