أكد مقال نشرته جريدة «ذا غارديان» البريطانية أن عمليات القصف والتدمير الممنهج الذي مارسه جيش الاحتلال الإسرائيلي وطال المؤسسات التعليمية والثقافية والمعرفية في غزة بلغت مستوى مروعا مع تدمير أكثر من 80% من المدارس منذ السابع من أكتوبر الماضي، وهو ما وصفه المقال بـ«إبادة تعليمية».

وقالت أستاذة الدراسات النقدية في جامعة تورنتو الكندية تشاندني ديساي، في مقالها المنشور أمس السبت، إن قوات الاحتلال الإسرائيلية قصفت خلال أيام قليلة ست مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في مخيم جباليا بشمال قطاع غزة، وأحرقت مدرسة في مخيم النصيرات وسط القطاع. كما دمرت ثلاث مدارس، وحرقت أخرى في حي زيتون.

إبادة تعليمية مستمرة منذ النكبة
وأضافت: «في الأسبوع المنتهي في 15 مايو، حسب بيانات الأمم المتحدة، دمرت الحرب 80% من المدارس في غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وهذا يرقى إلى إبادة تعليمية امتدادا للتدمير الممنهج للتعليم في فلسطين منذ النكبة».

وأكدت تشاندني أنه «خلال الحرب، التي تعتبرها محكمة العدل الدولية حرب إبادة جماعية، تحول القضاء على التعليم من التدمير الممنهج إلى الإبادة الكاملة»، مشيرة إلى تدمير جامعات غزة الـ12 خلال المئة يوم الأولى من الحرب بشكل كامل أو جزئي.

وإلى جانب هذا التدمير الممنهج، تحولت العديد من المكتبات ودور المحفوظات ودور النشر والمراكز الثقافية وقاعات الأنشطة والمتاحف والمكتبات والمقابر والآثار والمواد الأرشيفية إلى ركام.

وأوضح المقال أن «الهجوم على أنظمة التعليم والمعرفة الفلسطينية وتدمير ونهب القطع الأثرية النادرة والكتب والمخطوطات والمواد الثقافية والأرشيفية ليس بالأمر الجديد، حيث جرى توثيق ذلك منذ نكبة العام 1948».

وأخيرا، أحرق جنود الاحتلال ما تبقى من مكتبة جامعة الأقصى في مدينة غزة، والتقطوا صورا وهم يجلسون فوق ركام الكتب المحترقة. كما التقط الجنود صورا وهم يتجولون بين أنقاض جامعة الأزهر، وقالوا ساخرين: «نحن نبدأ فصلا دراسيا جديدا.. لن يبدأ أبدا».

- الإعلام الحكومي في غزة: الاحتلال استهدف 150 مدرسة إيواء لـ«أونروا» في القطاع
- «CNN»: «ذخائر أميركية» استخدمها الاحتلال في قصف مدرسة «الأونروا»

وأضاف المقال: «من خلال التدمير المادي للبنية التحتية التعليمية والثقافية يجرى محو الوسائل التي يمكن من خلالها لمجموعة، في هذه الحالة الفلسطينيين، أن تحافظ على ثقافتها ومعرفتها وتاريخها وذاكرتها وهويتها وقيمها عبر الزمان والمكان. إنها سمة أساسية من سمات الإبادة الجماعية».

استهداف المعلمين وأساتذة الجامعات
وكشفت بيانات خبراء الأمم المتحدة أنه حتى نهاية أبريل الماضي قتلت الحرب الإسرائيلية أكثر من خمسة آلاف و500 تلميذ و261 مدرسا و95 أستاذا بالجامعة في غزة، إلى جانب موظفي الجامعات والمكتبات.

ويعتقد مراقبون أنه قد جرى استهداف العديد من هؤلاء بشكل متعمد، وبالطريقة نفسها التي لجأ إليها الاحتلال الإسرائيلي لاغتيال المثقفين والشخصيات الثقافية الموالية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ومع دخول الحرب شهرها التاسع تقريبا، جرى تعليق الدراسة في الجامعات، مما يعني توقف 90 ألف طالب على الأقل عن الدراسة، غالبيتهم نزحوا من منازلهم، في الوقت الذي تحولت فيه أجزاء كبيرة من قطاع غزة إلى مناطق غير صالحة للسكن، حسب المقال.

ولم تقتصر سياسة «الإبادة» الإسرائيلية لمؤسسات العلم والمعلمين في قطاع غزة، بل امتدت إلى الضفة الغربية والقدس، حيث اقتحم جيش الاحتلال بشكل منتظم المؤسسات التعليمية، واعتقل عددا كبيرا من الطلاب. كما قيد حركة الطلاب والأساتذة، وقوض الحرية الأكاديمية من خلال إغلاق الجامعات.