Atwasat

جريدة «الوسط»: الدستور والأمن يقودان اجتماعات الساعات الأخيرة في القاهرة

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 17 يونيو 2022, 09:06 صباحا
WTV_Frequency

تشغل اجتماعات النواب في سرت، وممثلي مجلسي النواب والدولة في القاهرة، مع استمرار إغلاقات النفط، إلى جانب أجواء التوتر الأمني في العاصمة طرابلس وغموض «طيران مصراتة»، أنظار الليبيين عن رؤية ما ستؤول إليه الأوضاع بحلول 22 من يونيو الجاري والمسار الذي ستتخذه الأزمة من بعده.

ولعل التفاعل السريع لحكومة الوحدة الوطنية مع إقرار مجلس النواب في سرت الموازنة التي تقدمت بها حكومة فتحي باشاغا المكلف من قبله، وهي أول موازنة يعتمدها منذ 2014، يؤشر إلى طبيعة المرحلة المقبلة عليها ليبيا بعد انتهاء صلاحية خارطة الطريق، مرحلة قد تشهد تكريسا لانقسام المؤسسات السيادية، فقد وصف محمد حمودة الناطق باسم عبدالحميد الدبيبة جلسة الموازنة بأنها «خطوة أحادية بهدف عرقلة الوصول للانتخابات»، وختم حمودة في تصريحات تلفزيونية موقف حكومة الدبيبة بأنها لن تعترف بموازنة حكومة باشاغا، وأن المصرف المركزي لن يعتمدها ولن يوفر السيولة اللازمة لها.

لكن الناطق باسم مجلس النواب، عبدالله بليحق، قال خلال مؤتمر صحفي عقده بمدينة سرت، إن إقرار الميزانية جاء بعد سلسلة اجتماعات، من بينها اجتماع مع مصرف ليبيا المركزي والجهات الرقابية ووزارة المالية، مشيرا إلى أن إقرار الموازنة جرى بموافقة 98 من أصل 165 نائبا مع تصويت خمسة آخرين لصالحها عن بُعد، في جلسة حضرها أعضاء من مجلس إدارة المصرف المركزي وبمبلغ قيمته 89.7 مليار دينار ليبي؛ أي ما يناهز 18.6 مليار دولار، إلا أن هناك من شكك في عدد الحضور، ما اعتبره مخلا لشرط النصاب القانوني للتصويت، وهو 120 عضوا، وفق ما نص عليه الإعلان الدستوري.

عقيلة يدافع عن حكومة باشاغا
وعلى أثر قرار اعتمادها «بالإجماع»، دافع رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، في كلمته عن حكومة باشاغا التي «لم تُشكّل في المنفى؛ بل شُكلت تحت قبة البرلمان ولا يحق لأية جهة منعها من مباشرة عملها» وفق قوله، متمسكا بكونها الحكومة البديلة للحكومة المنتهية الولاية المتهمة بـ«التلاعب بمقدرات الشعب الليبي وإفساد المناخ السياسي والاجتماعي والأمني». من جانبه، أكد رئيس الحكومة المكلف أن «تنفيذ الموازنة يتطلب التعاون مع المصرف من خلال مجلس إدارته برئاسة المحافظ الصديق الكبير».

وتعيد المستجدات المتسارعة المحيطة بمسألة مصادر تمويل الموازنة الجديدة محافظ مصرف ليبيا المركزي إلى جبهة الصراع على أموال المؤسسة السيادية التي ظلت تحت سيطرة حكومة الوحدة، بينما امتنع مسبقا عن الانحياز إلى حكومة باشاغا. ومن مفارقات التجاذب السياسي الحاصل حاليا أن الأخير يسيطر على الحقول والموانئ النفطية المغلقة والذي تسبب محتجون أقدموا على قفلها، في خفض الإنتاج إلى ما بين 100 ألف و150 ألف برميل يوميا، في هدف يرمي إلى خنق خصمه ماليا، وبالتالي الضغط على الغرب لدعم حكومته، في مقابل امتلاك حكومة الدبيبة الإيرادات النفطية فإنه قلل من شأن الإغلاقات وطمأن بأن البنك المركزي يمتلك 50 مليار دولار في الخزينة.

كيف ستمول حكومة باشاغا؟
وترجح التحليلات لجوء مجلس النواب إلى رئيس فرع مصرف ليبيا المركزي في بنغازي لتوفير التمويل في حال رفض الكبير لميزانية باشاغا، وهو ما قد ينهي جهود إعادة توحيد أبرز هيئة مالية في البلاد تحظى كما يتردد بدعم أطراف أجنبية مؤثرة على رأسها أميركا وبريطانيا، وفي سيناريو آخر قد يعمد البرلمان بالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة إلى تغيير المناصب السيادية، ومن بينها المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي. وكان من بوادر التقارب بين الهيئتين اللتين هاجمهما الدبيبة بشدة في حواره مع مجلة «جون أفريك»، مطالبة أعضاء المجلس الأعلى للدولة في بيان لهم الأربعاء، البعثة الأممية بدعم ما توصل إليه مجلسا النواب والدولة من توافق بشأن الميزانية العامة. داعين حكومة الوحدة الوطنية إلى تسليمها السلطة للحكومة الجديدة.

للاطلاع على العدد 343 من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وتسعى واشنطن منذ أشهر لنزع الطابع السياسي عن السيطرة على مكاسب النفط، وكشف موقع «أفريكا إنتلجنس» الاستخباراتي الفرنسي، أن الولايات المتحدة تريد تشكيل لجنة إشراف تقوم بتشغيلها شركة تدقيق خاصة، لتحويل الدخل من المؤسسة الوطنية للنفط إلى مؤسسات الدولة الليبية، وذلك بعد انخفاض إنتاج النفط ومحاولة تسييسه، في الوقت الذي يجب أن يساعد فيه الأخير أوروبا على تحررها من الحاجة إلى الغاز الروسي بأسرع ما يمكن.

مقترحات بتشكيل حكومة انتقالية جديدة
وتستمر جهود دبلوماسية غربية أخرى في بحث خيار إمكانية تسليم السلطة إلى شخصية «غير استقطابية» ليكون رئيسا لحكومة جديدة لا يكون فيها الدبيبة أو باشاغا، وربطت مصادر على صلة، بين لقاءات جمعت سفير ليبيا السابق لدى الإمارات والمرشح السابق لانتخابات الرئاسة، عارف النايض، والسفير الأميركي، ومبعوثها إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، والمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، حيث تباحثوا حول آخر المستجدات في ليبيا مع قرب انتهاء الإطار الزمني لخارطة الطريق في ظل الضغوط المتواصلة لإجراء الانتخابات في اقرب وقت.

وكرد غير مباشر، رأى الدبيبة أن «المشكلة لا تكمن في الحكومة، بل في الصراع الدائر بين مجلسي النواب والأعلى للدولة وحتى لو جرى تغيير الحكومة واستبدالها بحكومة فتحي باشاغا، فهذا لا يعني صدور قانون الانتخابات والقاعدة الدستورية»، على حد تعبيره.

وتعليقا على ذلك، قال الباحث تيم إيتون لمعهد الشرق الأوسط الأميركي، إن من بين ما بحثته اجتماعات القاهرة بين مجلسي النواب والدولة اتفاق حول معايير تشكيل حكومة انتقالية أخرى، مفسرا هذا المؤشر على أن المجلسين يواصلان إعطاء الأولوية لبقائهما من خلال اختيار الحكومة الجديدة على تطوير إطار انتخابي متفق عليه قد يؤدي إلى استبدالهما.

لقاء بين المشري والمنفي وعقيلة في القاهرة
وفي السياق، تشير معلومات إلى أن القاهرة ستكون محطة أخرى في غضون ساعات لاحتضان لقاء يجمع كلا من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، بهدف الاتفاق على خارطة طريق للسلطة التنفيذية ودعما لجهود التوصل إلى قاعدة دستورية ستُجرى وفقا لها الانتخابات المقبلة. وبينما يواصل أعضاء مجلسي النواب والدولة المشاورات بالقاهرة منذ الأحد تبقى أهم النقاط الخلافية تتعلق بشروط الترشح للرئاسة والبرلمان ونظام الحكم.

وبالتزامن مع اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، في القاهرة لمواصلة مناقشة خيارات التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، انتقد مسؤولون عسكريون يتبعون القيادة العامة للمرة الأولى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بعد قراره إيفاد وفد عسكري في مهمة عمل رسمية إلى القاهرة؛ حيث اتهموه بمحاولة التدخل في عمل اللجنة العسكرية، واتهم مسؤول التوجيه المعنوي في القيادة العامة، اللواء خالد المحجوب، الأخير بجهل الإدارة العسكرية وعملها، مضيفا أن المنفي «دخل على خط لجنة (5+5) العسكرية المشتركة، بقيامه بتكليفات غريبة، تبدو فيها حساباته الواضحة لسطوة المسلحين على مقربة من باب مكتبه». يُذكر أن المجلس الرئاسي مجتمعا يحمل صفة القائد الأعلى للجيش، وفق خارطة الطريق.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حماد: نكثف الجهود للعثور على الدرسي ومعرفة ملابسات اختفائه
حماد: نكثف الجهود للعثور على الدرسي ومعرفة ملابسات اختفائه
وزير إيطالي سابق: لا يمكن اعتبار ليبيا ملاذا آمنا للمهاجرين
وزير إيطالي سابق: لا يمكن اعتبار ليبيا ملاذا آمنا للمهاجرين
«الكهرباء»: عودة التيار تدريجيا إلى بنغازي بعد شحن محطة الجلاء
«الكهرباء»: عودة التيار تدريجيا إلى بنغازي بعد شحن محطة الجلاء
حالة الطقس في ليبيا (السبت 18 مايو 2024)
حالة الطقس في ليبيا (السبت 18 مايو 2024)
رحيل الصحفي المؤرخ الرياضي فيصل فخري السنوسي
رحيل الصحفي المؤرخ الرياضي فيصل فخري السنوسي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم