Atwasat

وصف التأنيث ثقافيا لا طبيعيا (5)

محمد عقيلة العمامي الإثنين 03 يونيو 2024, 03:00 مساء
محمد عقيلة العمامي

أود أولا أن أعتذر منكم، لأنني في البداية رأيت أنه بمقدوري تقديم فكرة عن كتاب (ثقافة الوهم) في خمس حلقات، وذلك حتى لا أطيل عليكم، ولكنني كلما تقدمت في التمعن والتدبر في قراءة مواضيع هذا الكتاب، كلما زادت رغبتي في معرفة المزيد، فالحقيقة أنني أخذت بتفسيراته وتحليلاته حتى إنني عجزت تماما عن التلخيص المعقول الذي يمكنني من تقديمه في خمس حلقات.

ولا أعتقد أنه حتى أن عشر حلقات، كافية، لأنني لم أجد سطرا واحدا لا يستحق الإسهاب في تفسيره، ولذلك سوف أقدمه بترقيم متصل حتى نهايته، وهكذا يكون هذا الموضوع هو الخامس؛ والسبب أنني كلما أنهيت جزءا وجدت الثاني أكثر ثراء من السابق! لما فيه من تحليلات أعترف أنني لم أنتبه إلى أهمية تسلسلها، وعلائقها المرتبطة ببعضها بعضا.
إنني أنصح أولا، أن يقرأ المهتم بالكتاب بتمعن وروية، ذلك إن كان يسعى إلى فهم نصف مجتمعنا، وما شوه فيه أجدادنا من حسنات لهذا النصف الذي ما زال أغلبه جواريَ في قصور السلاطين! ذلك إن كنا بالفعل نريد تحررا مستحقا لهذا النصف البديع، الذي لا تستقيم الحياة من دونه.

يستهل الكاتب الموضوع (8) بحقيقة ما زالت واضحة حتى يومنا هذا تقول: «يتم تقليص الأنوثة وحصرها في (جزء) محدد. نسبته لا تزيد على 15% من عمر الأنثى! وأيضا حصر هذه الأنوثة في أجزاء محددة من الجسد ذاته.

فبعض الأجزاء لا علاقة لها بالأنوثة مثل (العقل) بحسب ما أورده الأستاذ الكاتب – مع احتفاظي برأيي الشخصي، الذي يرى أنه من الخطأ تعميم هذا الجزء! أما بقية ما أورده (العقل واللسان والعضلات الجسدية)، فهي إن وجدت تسعى الأنثى على الدوام لإزالتها.

والخلاصة أن الجسد لا يتأنث لمجرد أن صاحبته امرأة! وأيضا المرأة ليست في حالة أنوثة طوال حياتها؛ فالتأنيث – في نظر الثقافة (الذكورية) مجموعة قيم جسدية اصطفتها، وحددتها بمسابقات واستعراضات وغيرها من المحسنات والألوان والتصاميم، التي تبرز ما يستحق أن يبرز للأعين الذكورية!

التأنيث إذن، أصبح مفهوما ثقافيا، وليس تكوينا بيولوجيا، ولم يعد خافية عن أحد هذه المحسنات التي أصبح المرء يراها من خلال الشفتين المنفوختين والخدود والنهود، أما الأصباغ فلم تعد مقتصرة على الكحل والحناء، ولا العطور على القرنفل والمسك. بل ظهرت المواد المصنعة وبدأت معها أمراض البشرة المتنوعة.. وأصبحت تكاليف هذه المواد دافعا حقيقا لتترك الأنثى بيتها لتعمل وتكسب ثمن هذه المواد التي لم تعد رخيصة على الإطلاق. فأصبح التأنيث ليس اعتداء على الجسد واختصار وظائفه، بل بابا للإنفاق وبالتالي ضرورة إيجاد تكاليفه إما بالعمل أو - بقبول الهدايا التي تفتح الباب إلى مسارب أخرى- وهكذا التأنيث لم يعد تقليصا للجسد، واختصار وظائفه بل سببا لضرر الصحة وإهدار المال.