Atwasat

نكوص ورجاء

رمضان المصراتي الخميس 21 مارس 2024, 12:34 صباحا
رمضان المصراتي

طريق مزدحم وشرطي مرور يحاول إصلاح ما أفسد الزحام، مقهى تنبعث منه رائحة البن وبعض الضحكات الصباحية الخجولة، مصرف مفتوح وصوت عالٍ يصدح داخله أناس تبدو معالمھم محطمة، تعلوھم خيبة الرجاء وفقدان الأمل الممزوج بالتذمر وحالة من اليأس التي تشبه تماماً الفقد والحداد، وثمة آخرون يحاولون الاحتفاظ بالابتسامة على وجوھم رغم الألم الذي يعتصر في قلوبھم، تشبه تلك الابتسامات باقة من الزھور المصطنعة التي ليس لھا رائحة.

هكذا يبدأ الصباح في بنغازي وھي تعج بالقاطنين من مختلف أنحاء البلاد في نزوح إليھا من مناطق لا تسمع عن الاستقرار فيھا إلا من خلال القنوات الفضائية والتي تقيم ھي وموظفوھا في دول بعيدة عن الواقع المعاش وعن المكان.. وطن ممزق تھرب مقدراته من الوقود المختلف أنواعه والذھب واليورانيوم والسمك والأغنام والماشية ويھرب إليه جميع أنواع المخدرات من الحشيش وحتى الكوكايين الذي يسھل الإيقاع بضحاياه من خلال مشروبات المقاھي وحتى شم الياسمين، يشدني فضول لأقتبس من مقالة للكاتب الليبي الصادق النيھوم في العام 1970 يقول فيھا «وقد أصيب شعبنا بالمرض المتوقع ووقف السحرة والفقھاء ورؤساء التحرير عند رأسه وطفقوا يردمونه بالأحجبة والافتتاحيات وغداً يردمون جثته في أنبوب مجارٍ ويتفرقون في عوالم العالم لإنفاق حصيلتھم من غارة البترول، بعد أن دفعھم حبھم للوطن إلى قتله فإن من الحب ما قتل، فيما ستعود ليبيا أم تالة ووصيفة الشمس مرة أخرى إلى صحراء مجدبة لتأكل وجبة الحلفاء مثل بقية الفقراء.. ھذه ليست نبوءة.. إنھا محاولة عادية لوصف ليبيا من الخارج».

تحياتنا للجميع وكل عام أنتم بخير.