Atwasat

«الدولة المعصومة» لم تعد معصومة

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 17 مارس 2024, 04:41 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

يقول نلسون مانديلا في كتابه «مشوار طويل نحو الحرية Long Walk to Freedom» عن المواطنين الجنوب أفريقيين البيض الذين انضموا إلى «المؤتمر الوطني الأفريقي» أن نضال المرء بين أهله وناسه وقومه شيء، والنضال ضدهم شيء آخر. الحالة الأولى هي حالة المناضلين السود، والحالة الثانية هي حالة المناضلين البيض ضد الميز العنصري. فهؤلاء النبلاء الشجعان يناضلون إلى جانب السود المضطهدين الذين ليسوا من قومهم ولا حتى من ثقافتهم وعدد هائل منهم ينتمي إلى أديان أخرى. إنهم يناضلوون ضد قومهم، معرضين أنفسهم إلى الاتهام بالخيانة والنبذ والسجن، وربما حتى القتل والاغتيال.

هذا الوضع ينطبق على اليهود الذين يقفون بوضوح وصلابة موقفاً مؤيداً وداعماً لنضال الفلسطينيين، بما في ذلك النضال المسلح ضد الكيان الصهيوني اليهودي العنصري المسمى «إسرائيل».

ولعل أبرز هؤلاء الشجعان الأفذاذ نورمان فِنْكِلْشتاين Norman Finkelstein المفكر اليهودي لأبوين ناجيين من المحرقة. ولهذا أهمية بالغة. فكون أبويه ناجيين من المحرقة لا بُد أنهما قد حكيا له كثيراً عما خَبِراه وشاهداه من مظالم ومحن حاقت باليهود في ألمانيا الهتلرية. لكن هذا، بدلاً من أن يجعله موالياً لـ«إسرائيل» وحاقداً على غير اليهود ومردداً لإسطوانة «معاداة السامية» المشروخة، نمَّى فيه ضميراً إنسانياً حراً، حساساً إزاء المظالم الإنسانية، بما فيها تلك التي يقترفها الكيان العنصري الصهيوني في حق الفلسطينيين.

برز فنكلشتاين إلى الواجهة سنة 2000 بعد ظهور كتابه «صناعة الهولوكوست The Holocaust Industry» الذي أوضح فيه أن البعض يستغل ذكرى الهولوكوست كـ«سلاح أيديولوجي» لمنح «إسرائيل» حصانة ضد النقد، واصفاً إسرائيل بأنها دولة يهودية معصومة «Jewish supremacist state» وأنها تقترف جريمة الميز العنصري ضد الشعب الفلسطيني مقارناً محنة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي بالرعب النازي. https://en.wikipedia.org/wiki/Norman_Finkelstein#
في السطور التالية نترجم مقتطفات من مقابلة معه أجريت سنة 2011:

في سؤال، حول رأيه عن موقع أميركا من الصراع الجاري أجاب:
آخر الأمور ذات العلاقة هو ما يجري منذ 20 أو ثلاثين سنة. المجتمع الدولي كله، الفصائل الفلسطينية جميعها، الدول الإسلامية كلها، الدول العربية مجتمعة، كل أحد، يتفق حول كيفية تسوية هذا الصراع. إلا أن إسرائيل، مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، ترفض شروط هذه التسوية، أي انسحاب إسرائيلي كامل، دولتان وحل عادل لقضية اللاجئين.
* لماذا، في رأيك، أنك عادة ما توصف بأنك منكر الهولوكوست؟

- أعتقد لأنك عندما لا تعجبك الرسالة فأنت تهين المرسل. نفس السبب حدث مع رتشارد غولدستون [قاضٍ جنوب أفريقي وكاتب تقرير مثير للجدل حول غزة] وصف بأنه معادٍ للسامية وأنه يهودي كاره لنفسه، وقورن بالنازيين. وهكذا فإن وضع رتشارد غولدستون أسوأ من وضعي. فأنا وصفت بأني منكر للمذبحة، ولكنني لم أتهم بارتكاب إبادة.
* ربي محلي قال أنه لا يمكن أخذك على محمل الجد لأن آراءك غاية في التطرف.
- عليك أن تحكم بنفسك. وكل ما يمكنني قوله هو أنني أحاجج من وجهة نظر القانون الدولي. وإنه لزمن تعيس حينما يعتقد يهود أميركيون أن المحاججة لدعم القانون الدولي تسمى تطرفاً. https://www.jacksonville.com/story/news/2011/01/23/controversial-jewish-author-speak-unf/15917110007/