Atwasat

محاكمة بريطانيا وحلفائها؟

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 25 فبراير 2024, 06:06 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

أنشئت أول مستوطنة (= مستعمرة) يهودية في فلسطين من قبل اليهودي الإنجليزي مونفيوري العام 1837 وكان قوامها 1500 يهودي، ليرتفع هذا العدد على دفعات إلى 22000 سنة 1881، ثم بدأت العام التالي تتوافد أفواج اليهود الروس ليصل عدد اليهود المستعمرين في فلسطين إلى 25000 مستعمر يهودي سنة 1903، بعدها أخذت أعداد المهاجرين المستعمرين اليهود تتزايد إلى أن بلغت مع نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين (29 سبتمبر 1922 - 29 نوفمبر 1947)، 625 ألفاً، أي ما يقارب ثلث عدد السكان في البلاد.

خلال فترة الانتداب (= الاحتلال) البريطاني هذه فعَّلت سلطة الانتداب البريطانية «وعد بلفور» الصادر سنة 1917 القاضي بإنشاء (= تنصيب) وطن قومي لليهود على الأرض الفلسطينية. وبخروج بريطانيا من فلسطين تكون قد سلمت، عملياً، فلسطين للحركة الصهيونية لتنفيذ مشروعها الاستعماري الذي نجمت عنه، كما هو معروف، نكبة الشعب الفلسطيني سنة 1948. فبريطانيا، مثلما يقال، أعطت ما لا تملك لمن لا يستحق.

الغرض من هذا السرد الموجز لتاريخ الهجرات اليهودية والصهيونية إلى فلسطين هو مسؤولية بريطانيا، مسؤولية مباشرة ومنفردة، على عمليات المجازر والاقتلاع التي تعرض لها الشعب الفلسطيني على يد الصهاينة قبيل وأثناء سنة 1948. ومسؤووليتها، بالاشتراك مع أميركا وبعض الدول الأوروبية، على المآسي وأعمال الإبادة الجماعية والاقتلاع والتهجير القسري التي ما زال يتعرض لها الشعب الفلسطيني حتى وقت كتابة هذا المقال.

لنخلص من ذلك إلى التساؤل عما إذا كان ممكناً، وفقاً لمواد القانون الدولي ذات العلاقة، رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تدين بريطانيا، كمتهم أول، وحليفتها أميركا، كمتهم ثانٍ، وبعض الدول الأوروبية الأخرى، يترتب تسلسلهم كمتهمين وفق إسهاماتهم في ما حاق ويحيق بالشعب الفلسطيني، للمطالبة بإدانة هذه الأطراف وتحميلها مسؤولية جبر الضرر الذي تعرض له هذا الشعب جراء انتهاك هذه الأطراف لحقوق الشعب الفلسطيني «غير القابلة للتصرف».

قد يبدو هذا الطرح، على الأقل للبعض، اشتطاطاً بعيد الشأو، وحتى عبثياً، لكنني أعتقد أنه، في حالة توفر الأسس القانونية في إطار القانون الدولي القائم، أنه ممكن جداً ومهم جداً أيضاً، خاصة ونحن نشهد أن «دولة» الكيان الصهيوني المسماة «إسرائيل» التي كانت فوق القانون الدولي تجرجر الآن إلى محاكمة دولية على جرائم الحرب وجرائمها ضد الإنسانية.