Atwasat

هبة «الجانب الوضيء»

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 28 يناير 2024, 06:28 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

في مسرحية عبدالله القويري «الجانب الوضيء» تؤكد شخصية رئيسية في المسرحية على أنه ثمة في الإنسان، دائماً، جانب وضيء، مختتمة هذا التأكيد بالقول «وإلا فخبروني كيف نعيش». في سياق المسرحية يقصد أن هذا الجانب متواجد، بشكل ما ومقدار ما، في كل فرد من أفراد من أفراد النوع البشري. لكننا في هذا المقال نعني وجود هذا الجانب في الإنسانية كمفهوم عام.

نعم، الجانب الوضيء صاحب الوجود الإنساني منذ أن انفصل عن المملكة الحيوانية، ورغم استشراس التوحش وضراوته وانتشاره في عالم البشر، إلا أن الجانب الوضيء في الإنسانية ظل يدافع عن نفسه ويقاوم ويحرز انتصارات ويستولي على مساحات من الضمير الإنساني العام يزدهر فيها هذا الجانب.

هذا الجانب الوضيء في الإنسانية مرتبط بوجود أصحاب الضمائر الحرة، وقد تجلى الآن، أكثر من أية فترة تاريخية أخرى، في ردة فعل جانب الوضاءة هذا، المنبثق عن أصحاب الضمائر الحرة، على انتهاكات وجرائم الحرب والإبادة الجماعية المعادية للإنسانية التي اقترفها وما زال يقترفها يومياً الكيان الصهيوني العدواني.

ومع قبولنا، الذي لا تحفُّظ فيه، بشأن ازدواجية، وحتى تعددية، المعايير لدى الغرب الرسمي الاستعماري، وأن حدود الديمقراطية لديه تقف عند «حدود» الكيان الصهيوني بحيث يحرم انتقاده، فإن المتن الأساسي للديمقراطية الغربية هو ما مكَّن مئات الألوف (إن لم يكن الملايين) من المواطنين هناك من النزول إلى الشوارع والتحرك في مظاهرات عارمة، احتجاجاً على ما يقترف في غزة، رفعت فيها الأعلام الفلسطينية ونودي فيها بتحرير فلسطين وأن فلسطين حرة. وتجدر الإشارة إلى أنه قد شارك في هذه المظاهرات أعداد كبيرة من اليهود من ذوي الضمائر الإنسانية الحرة.

بل إن الاحتجاجات عبر عنها أفراد من أعضاء بعض البرلمانات الغربية والمسؤولين السياسيين الكبار والإعلاميين والكتاب والمفكرين (بعضهم يهود، هناك).
على حين أننا لم نشهد مثل هذه المظاهرات والاحتجاجات العارمة، في هذا السياق، في البلدان العربية والإسلامية (اللهم إلا في إندونيسيا)، وذلك بسبب غياب الديمقراطية (جزئياً أو كلياً) في هذه البلدان.

بالفعل، «طوفان الأقصى» صدم أصحاب الضمائر الحرة واستثار الجانب الوضيء في الإنسان لدى بعض الضمائر الخاملة أو المترددة. وأحرج الموالين للكيان الصهيوني الغاصب.