Atwasat

عن سوء الفهم

محمد عقيلة العمامي الإثنين 22 يناير 2024, 03:58 مساء
محمد عقيلة العمامي

للدكتور (تشارلز شيد - (Dr. Charles Shedd وهو أميركي متخصص في العلاقات الإنسانية، أكثر من خمسين كتابا وله زاوية أسبوعية في عدد من الصحف العالمية، كان على المستوى الوطني ضيفًا مفضلاً للعديد من وسائل الإعلام التلفزيونية والإذاعية». له الكثير من الأقوال الحكيمة منها: «عليك أن تتطلع، وتسعى بقلب صاف، إلى زواج سعيد، ولكن ضع في حساباتك أنك لا تصل إلى جنته، من دون صعاب حقيقية!»، وهذا في تقديري واقع حقيقي كشروق وغروب الشمس!

ثمة علاقة وثيقة ما بين ضغط الدم، والغباء، الذي أشك، بل وأعتقد أنني مصاب شخصيا بهذا الداء! ولكن ولأسباب خاصة أخرى أبعدتُ كلمة الغباء، واستبدلت بها مصطلح (سوء الفهم)، تفاديا لمغبة وصف شخص ذكي جدا بالغباء! وعلاقته المباشرة بضغط الدم.

والحقيقة أن التجربة أثبتت أن ضغط دم المصاب يرتفع تلقائيا بمجرد لف حزام منفاخ الجهاز حول ذراعه، بل الأعجب من ذلك أن تجربة أجريت بمستشفى في مدينة ميلانو على مجموعة يراد قياس ضغطها لساعات متواصلة، فاكتشفوا أن ضغط المتطوعين ارتفع بمجرد أن غرسوا أول إبرة في ذراع أولهم! بل واكتشفوا أن ضغط دم المتطوعين وعددهم ثمانية وأربعون، ذكرا وأنثى أعمارهم ما بين السابعة عشر والسابعة والستين عاما مصابا، ارتفع بمجرد دخول الطبيب إلى صالة تجمعهم! علما بأن ضغطهم كان طبيعيا، وأنه لم يرتفع إلا قليلا، ومع ذلك أمر الطبيب بنقل أحدهم إلى حجرة العناية الخاصة بمرتفعي ضغط الدم!

للدكتور الكاتب الذي أشرت إليه، مقال خفيف يقول فيه إنه على المتزوج أن يتحقق من مقدار حب شريكه له، وأورد: (خمسة براهين على الحب). إن تحققت فهما في حالة حب حقيقي! ولعله من المفيد أن أوجز هذه البراهين، لتعم الفائدة، وليرتاح المتزوجون أو على الأقل يستفيدون من أفكار هذا المستشار الدكتور المبارك.

البرهان الأول: (الحرية) أن يشجع أحدهما الآخر لممارسة مناشط اجتماعية، ويسمحا بها ليُكوِّن كل منهما صداقات إنسانية بما يتفق وعادات المجتمع وتقاليده، وأيضا ثوابته الدينية والاجتماعية، والمقصود بالحرية هنا، أن يتركا لبعضهما فرصا لممارسة أنشطة اجتماعية أو تجارية، بحيث يشعر كل منهما بحرية مقننة لا يكون لا يكون لها تأثير على كيان البيت ولا على التقاليد، وتربية الأطفال وفوق ذلك التعارف مع أسر وجيران يتوافقون معهما في القناعة بأهمية هذه المساحات. ولا أعتقد حرية تكوين الصداقات هذه مقبولة تماما لدينا ما بين (هي وهو) أو (هو وهي) ولذلك وتفاديا لسوء الفهم، ناهيك عن تعاليم ديننا، وثوابت أخلاق وتربية مجتمعنا، نورد هذا البرهان على سبيل الإشارة إلى مصدر الرأي وليس للأخذ به! تفاديا لتداعيات سوء الفهم!
والبرهان الثاني (نكران الذات) الذي لخصه الكاتب الدكتور في سؤال واحد، وهو: «ماذا يمكنني أن أفعل من أجلك؟ وبالطبع لها عدد من السلوكيات، لعل أهمها أن «التعابير الإنسانية» التي تصدر من روح ليست أنانية هي كبيرة الأثر لدى الطرف الآخر. ولا أظن أن هناك سوء فهم خطير في هذا البرهان، إلا إذا أسأنا فهمه وكذلك هدفه!

البرهان الثالث (الاعتذار) وهو سلوك حضاري، يتمثل في اعتراف المرء بأخطائه المقصودة أو العفوية: «سامحيني» أو «سامحني» لأنه مثلما يقول الدكتور إن قوة المرء في قدرته على الاعتراف بأخطائه، وهي ميزة رائعة من التعبير عن الحب، فجل من لا يخطئ والاعتراف يرفع قدر المعترف أمام حبيبه، لكن قد يُساء فهم مغزى هذه النقطة! فمن هو (سي السيد) الذي يعترف بأخطائه؟.

البرهان الرابع وهو يتأسس على أهمية (الحميمية) والصدق في علاقة الجنسين بحسب ما خلقنا الله من أجله، وبالتالي الصراحة والتوضيح والبساطة والعفوية من شأنها أن تجعل لعلاقة الزوجين الحبيبين جمال رفاهية السمو والاهتمام بالطرف الآخر، ومساعدته في نيل أفضل ما في هذه العلاقة. ولا أعتقد أن ثمة سوء فهم في هذه النقطة بالغة الأهمية؟

أما البرهان الخامس فيتأسس على المال المشترك، أو غير المشترك، بينهما وسبل تنميته والمحافظة عليه وكيفية إنفاقه بما يحقق الهناء والراحة والأمان للطرفين، ويقول الدكتور إن الرأي المشترك هو السبيل الناجح والفعال لتحقيق هذا البرهان. ولكن في هذا الرأي قول آخر، لم يذكره الدكتور، وبالتالي لن أذكره أنا أيضا!

والخلاصة أنه إذا اتفق الطرفان وتعاونا واقتنع كل منهما بما قاله هذا الدكتور، أو حتى بما لم يقله، فتلك هي السعادة الحقيقية والهناء، لهما ولذريتهما، أما إن لم يتفقا، عليهما أن يبتهلا بأن يكون الله في عونهما!