Atwasat

فلسطين لا تكل ولا تمل أن تكون فلسطين!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 16 يناير 2024, 01:22 مساء
أحمد الفيتوري

ليس استعارة ولا كلمات، لا أرقاما ولا مجرد حقائق دامغة: 100 يوم عدوان، حتى كتابة هذا، 100 ألف قتيل وجريح، أطفال رضع ونساء حوامل، 75% تدمير شامل، 120 مدينة من مدن العالم الكبرى والصغرى، تشجب العدوان الإمبريالي الصهيوني، منها «جوهانسبرغ» عاصمة الدولة التي تحررت من التمييز العنصري الأوروبي. «جوهانسبرغ» التي تمترست بالقانون الدولي ومحكمته، جرجرت للمرة الأولى ما تبقى من «أبارتايد» ضال إلى القانون، باعتبار أن شعبا تجرى محاولات إبادته، منذ أصدرت الأمم المتحدة قرارها بذلك، منذ إعلان إنشاء دولة عنصرية قوميتها ودينها وداعي وجودها أنها يهودية، أن أوروبا العنصرية تبتغي حلا للمسألة اليهودية.

1948م جرى إعلان إبادة فلسطين، لكن فلسطين كانت «الفيتو» الشعبي والإنساني، ما حقق الرفض لقرار الإبادة ذاك، ثم جاء شعب انتصر على العنصرية، بعد سبعين وسنوات ست، جاء شعب جنوب أفريقيا ليستصدر حكما بتأكيد «الفيتو»، من محاكم وقوانين الأمم المتحدة، وغصبا عن الولايات المتحدة رب العنصرية في الأزمنة الحديثة. وكان قد حشد قبل وبعد، جيشا عرمرمَ من مرتزقة أوروبا ويهود العالم، لأجل محو فلسطين فما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، بل إن كل الأسلحة المتطورة والسبل الإمبريالية قد صلبت فلسطين، حتى غدت: نبض قلب العالم، ودالة الحرية في وجدان جلّ البشر.

فلسطين أمس واليوم وغدا العنقاء الحقيقية، في العصر الحديث وعند البشر فقط، ما جعلت هباء كلا من مشاريع القتل، التهجير، التشتيت، القهر، العزل، الفصل العنصري، تشريع الأونروا، شرعية القوى ومنطق الغابة، فيتو الولايات والأمم المتحدة، وما مثل ذلك.

فلسطين لم تكل ولن تمل أن تكون فلسطين، الحقيقة التي لا تغرب، فهي الشمس ما تبزغ في الشوارع، الميادين الحارات، الجادات، الجامعات، الواحات، النجوع، رغم كواليس القوى العظمى وأفعالها، وبعد قنابل هيروشيما وناغازاكي ما أسقطت على غزة، 100 يوم عدوان، حتى كتابة هذا، 100 ألف قتيل وجريح، أطفال رضع ونساء حوامل، 75% تدمير شامل، فلسطين لن تكل، فلسطين لن تمل من أن تكون فلسطين.

فلسطين، أم المسيح، القبلة الأولى، الأقصى الشرقي، الغرب القدسي، جنوبية وشمالية، قلب الدنيا، مستقبل لا يكل ولا يمل أن يكون فلسطين. صدح بذلك الألوف المؤلفة من حناجر البشر اليوم ولمئة يوم دون كلل ولا ملل: الحرية لفلسطين، صدع بذلك التاريخ منذ وعد بلفور وحتى الساعة، دون تراجع أصبحت لقرن وأكثر فلسطين قضية القضايا، شعبها سيف مسلول لم يعرف غمدا منذ الوعد ذاك، ودماؤه أكسجين لمريدي الحرية على الأرض، تجلجل بها حنجرة السماء، حيث كل شهيد يتلوه شهيد، لينهض من المسغبة شهيد، في محفل جلّ البشر، وفي محمل على أكتاف كل إنسان.

تعيدون الكرّ فلسطين لا تفر، تعيد الكرّ منذ قرن ويزيد فلسطين حقيقة دامغة، يتلعثم العجوز «جو» العم سام- «مغامرات العم سام، بحثا عن شرفه المفقود*»- وهو يرسل إليها حاملات طائراته، يتلعثم وهو يفعل ذلك، فيبغبغ أن لفلسطين دولة دون سلاح ولا أمان، حقها المشروع وبالعروة الوثقى يوثق أنه «حاميها حراميها»، «جو» وسكرتيره الصهيوني «بيبي» وأتباعهم في غيهم يعمهون، لقد منحوا الدولة في «أوسلو»، ومثلما ذلك العابد الوثني حين جاع أكل إلهه الذي من تمر!. ما صدق «وعد بلفور»، ما صدق وعد أوسلو، ما صدق كل وعد منهم، منذ قرار الأمم المتحدة/ قسمة ضيزي وحتى مكوك «بلينكن». لكن الوعد وعد شعب عصي عن الإبادة، يكذب زبورهم وما يعيدون: ما بعد قنابل هيروشيما وناغازاكي ما أسقطت على غزة، 100 يوم عدوان، حتى كتابة هذا، 100 ألف قتيل وجريح، أطفال رضع ونساء حوامل، 75% تدمير شامل، فلسطين لن تكل، فلسطين لن تمل من أن تكون فلسطين.

وقد يكون ما يدعو للاستغراب وحتى الاستشراق: ما صدق أن فلسطين أمس واليوم وغدا كانت الوعد الحق: فلسطين لن تكل، فلسطين لن تمل عن أن تكون فلسطين، شاء من شاء وأبى من أبى، طبع من طبع فتطبع من تطبع، تراجع من تراجع، حمل من حمل الفيتو والحارق الخارق، وكل ذلك خلاصته قوله تعالى: «وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

• ارتبط اسم الولايات المتحدة الأميركية بلقب «العم سام» بشكل واسع جداً لسنوات طويلة، ويعود لقب «العم سام» إلى حرب سنة 1812م، حيث كان الجزار الأميركي صموئيل (سام) ويلسون يزود القوات الأميركية باللحوم. وكان ويلسون، الملقب بالعام سام يختم براميل اللحم التي يرسلها للجنود بحرفي U.S‏ ، ثم ظهرت في كتاب صدر العام 1816م، تحت عنوان «مغامرات العم سام- بحثا عن شرفه المفقود»، الذي كان ينتقد الحرب وزعماءها. - BBC