Atwasat

ثمار الابتسام والاهتمام

محمد عقيلة العمامي الإثنين 15 يناير 2024, 04:47 مساء
محمد عقيلة العمامي

(ديل كارنيجي- Dale Carnegie) مؤلف أمريكي من مواليد 24/11/ 1888 وتوفي في نيويورك يوم 1 /11/ 1955، ويعد من أبرز المشهورين في مجال تحسين سلوك الذات الإنسانية، وهو مؤسس ومدير معهد كارنيجي للعلاقات الإنسانية الشهير.

نشـأ (كـارنيجى) في أسـرة فـقيرة، وتميز باجتهاده، إلى أن بدأ منذ العام 1912 يعقد الدورات التدريبية لرجال الأعمال والمهنيين في نيويورك وكانت هذه الدورات تتناول السلوك، والخطاب الإنساني العام.

ويعد كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) من أهم مؤلفاته، التي ترجمت إلى عـدة لغـات، فانتشر باتساع العالم. أما كتابه: «كيف تؤثر على الآخرين وتكسب الأصدقاء» فطبع لأول مرة العام 1936، وبيعت منه أكثر من 15 مليون نسخة، وترجم إلى لغات، قد لا نعرف من الكثير منها كلمة واحدة. وظل من أكثر الكتب مبيعًا بحسب ما تنشره جريدة «نيويورك تايمز» لمدة 10 سنوات؛ ولقد تأثر به عدد من المصلحين والدعاة المسلمين، ونقلوا عنه الكثير من الأفكار، منهم الشيخ محمد الغزالي، والداعية عائض القرني، والشيخ محمد العريفي، والشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي.

لقد انتبهت إلى أن (بعضًا) من أصدقائي القريبين مني، يملكون الكثير من الأفكار التي جاء بها هذا. وانتبهت أيضًا إلى عدد آخر من معارفهم - ومعارفي - قريبين منهم، لا يملكونها وراجعت نفسي واعترفت لها أنني لا أشعر أنني قريب منهم! وتأكدت أنهم لا يملكون هذه الصفات التي ذكرها (كارنيجي) .

وانتبهت أيضًا، إلى أن أصدقاء آخرين لا يملكون هذه الصفات، ولكنهم قريبون مني، غير أنهم ليسوا قريبين من بعض أصدقائي، فانتبهت إلى أنهم بالفعل يفتقرون إلى ما يحتاجه المرء، ليتقبله الناس ويقتربوا منه، ويكون شخصية محبوبة، ليست من تلك الشخصيات التي قد ترغمك، بلا قصد على النفور منها.

والحقيقة أنني راجعت الحال، وانتبهت إلى أن هذه الشخصية القريبة مني، والتي لم يقترب منها عدد من أصدقائي، أحد أسبابها ما ذكره السيد (كارنيجي) أنهم لا يملكونها؛ فهو يقول، أيضًا، ما معناه: هناك سبع طرق تجعل الناس تتقبلك وتقترب منك:

أولًا: أن تبتسم، وتبتعد عن (التكشير).
ثانيــــًا: أن تبدي اهتمامًا كبيرًا بهم. ولا تستفزهم.
ثالثــــًا: تتذكر أن اسم الشخص بالنسبة له، هو أحلى وأهم صوت في أي لغة، يحب أن يسمعه.
رابعــًا: أن تكون مستمعًا جيدًا لهم.
خامسًا: أن تشجعهم على التكلم عن أنفسهم.
سادسًا: أن تتكلم عن الأشياء التي يهتمون بها، واجعلهم يحسون بأنهم مهمون.
سابعــًا: اهتم بهم وافعل كل ما يحبونه، وقم بمساعدتهم إذا احتاجوها منك.

ويعتقد (كارنيجي) أن النجاح المالي يرجع إلى 15% من «المعرفة المهنية» و85% إلى «القدرة على التعبير عن الأفكار، وتولي القيادة، وإثارة الحماس بين الناس».

وهو يؤسس آراءه، ويدرسها من خلال المباديء الأساسية للتعامل مع الناس بحيث يشعرون بالأهمية والتقدير، دون أي إحساس بالتلاعب بهم. ويؤكد كارنيجي أيضًا أن القدرة على الكلام هي طريق مختصر للتميز. إنه يضع الشخص في دائرة الضوء، ويرفع رأسه وكتفيه فوق الحشد. والمتحدث الجيد، غالبًا ما يُنسب إليه الفضل في قدرة لا تتناسب تمامًا مع ما يمتلكه حقًا.

ولفت انتباهي رأي من آرائه، يقول: «لتقنع أي إنسان على تنفيذ شيء ما، هو أن تجعله (يريد) أن يفعله»، ولعل ما سمعته في صغري من والدي، الرجل البسيط، الذي لم يتلق سوى علم (الجري وراء لقمة العيش)، قريب جدًا من هذا الرأي، ولقد حفظته من كثرة ترديده له: «أنت تريد، وأنا أريد، والله يفعل ما يريد». السيد (كارنيجي) يقول:
«إن وسيلتك لتقنع أي إنسان، على تنفيذ أي شيء، هي أن تجعله (يريد) أن يفعل هذا الشيء. والبديهي أن وسيلتك لذلك إبراز ما يعود عليه من مكسب مادي أو معنوي، والبديهي أنها وسيلة فعالة، إن ترافقت مع إثارة روح التنافس والتفوق، وسبيل المرء لذلك اِتِّقاء (الزاوية الحادة) أثناء المجادلة، خاصة ممن تنتبه إلى عناده وجهله، لأنه من المستحيل أن تقنعه بالحجة، وحتى إن قهرته فتأكد أنك خلقت لك عدوًا، والمنطق يقول لا داعي لذلك». وعليك أن تتأكد أنه «من المستحيل أن تقهر جاهلًا بالحجة».

وينبهنا إلى ضرورة عدم محاولة الانتصار لآرائك؛ بل تجعله أمانة لدى مجادلك، وسبيلك إلى ذلك هو أن تشعره باحترامك لقوة وجهة نظرك. ولعل أهم نقطة أن تبرز له أن رأيه هو الأصوب، عندها، في الغالب، يجد وسيلة يتقرب بها إليك!

«ديل كارنيجي» اسم لم يغب عن كتابات المسائل الإنسانية، يندر أن تخلو مكتبة عامة أو خاصة لبيع الكتب، من بعض كتبه، وهي جديرة بالقراءة، وتدبر ما تحويه من أفكار نيرة.