Atwasat

اِقْرأ وستكتب

محمد عقيلة العمامي الإثنين 08 يناير 2024, 03:27 مساء
محمد عقيلة العمامي

تريد أن تكون كاتبا؟ اِقْرَأ.. اِقْرَأ.. واقرأ. القراءة هي أفضل السبل لتكون كاتبا. وهذا هو ما ينصح به كل كاتب حقيقي، يسأله أحد مريديه أن يصبح مثله: «اِقْرَأ! وستكون كاتبا..».

دعني أحدثك عما حدث لي منذ ساعة تقريبا. كنت أتناول إفطاري مع عائلتي على المنضدة وجدت مجلة تعتني برشاقة المرأة، قرأتُ مقالا عن (الرجيم) عنوانه: (الخطر الناشئ عن البدانة)، يقول إن تجارب أجريت في كلية الطب بجامعة متشجن وصلت إلى نتيجة تؤكد أن نحافة الجسم ليس لها سوى سبيل أو بمعنى أدق نصيحة واحدة «ابتعد عن الإفراط في الأكل!».

شدني الموضوع، في حين أنه لم يشدْ من ابتاع المجلة من أجل (الرشاقة)، والنتيجة أنني وجدت موضوعا ورأيت أن أكتبه فعلَّ قراء مجلات الرشاقة يجدون فيه ما يعينهم على تحقيق ما يحلمون به في صحواهم أكثر من منامهم.

وجدت به معلومات وحقائق مثيرة كثيرة، أولها أن البدانة خطر يهدد الحياة نفسها، فالوفيات عما يزيد وزنهم 20% على المتوسط تزيد نحو الثلث على المعدل الطبيعي وتتضاعف النسبة لدى من يزيد وزنهم على 50% عن المعدل.
وإنقاص الوزن لا علاقة له لا بالتدليك في صالونات التجميل والحمامات البخارية ولا بالأندية الرياضة الصحية. ويتواصل الموضوع إلى أن يقول الكاتب: «إن الوحيد الذي يفقد شيئا من الشحم هو المدلك نفسه!» هذه القفشة هي التي جعلتني أتابع قراءة الموضوع، حتى نهايته، فالكاتب صاحب موهبة حقيقية!

ويتساءل الكاتب: «لماذا يفرط البشر في الأكل؟ مؤكدا أن معظم الحيوانات، إن لم تكن كلها، تتوقف عن الأكل متى شبعت! ولكن (شهوة) الإنسان تمنعه من التوقف فيزداد وزنه وتتضاعف الحاجة لشبعه، وتترافق معها الأمراض!

بعض علماء التغذية يرون أنه ثمة أشياء أخرى لمثل هذا النهم منها لذة الاسترخاء من بعد الأكل، هذه حقيقة، ولكن ما يلفت الانتباه أن الكثير من الاضطرابات النفسية تدفع المصاب بها إلى الإفراط في الأكل، فلقد وجد علماء النفس أنها سبب رئيسي لدرجة أنهم أعلنوا أنه لا يمكن التغلب على حالة النهم، إلا من بعد علاج مشاكل المرء النفسية. وهكذا تكون هذه الحالات دوافع لسلوك يقوم به المرء وهو ليس مقتنعا به، بسبب حالة مرضية يتولى هو العناية بها، كطفل معاق أو زوج مدمن أو مزعج أو أم أطفال غبية أو مبذرة أو حتى مدعية. ولقد عالج أطباء تلك الحالات التي تسببت فيمن أفرطوا في الأكل، فوجدوا أنهم عادوا إلى طبيعتهم بمجرد ما انتهوا من علتهم أو عقدهم، وسلوكهم!

وعلى ذلك وباختصار شديد إن أفضل السبل لإنقاص الوزن، هي إنقاض ما تأكله، ولا تأكل إلا حين تجوع، وإن جعت كل ولا تشبع! أما بقية الحيل هي مجرد دعايات ذكية لعدد ممن يقتنصون الدببة، خصوصا النهمين منهم!

والعجيب أنه خلافا لما يعتقد الكثيرون بأن الرياضة هي من أفضل الوسائل لعلاج البدانة، أمر لا يمكن التسليم به، ما لم يقنن مقدار ما يتناول الرياضي من غذاء، فلا يمكن أبدا أن ينقص وزن المرء من بعد مجهود رياضي طويل ثم يلتهم (قصعة مقطع بالقديد) أو فخذة خروف مسلوقة، أو محمرة. فالإنسان الذي يأكل كسرة من الخبز، بالتونة أو دونها مثلا، يحتاج أن يصعد سلالم 20 دورا! وإن أراد أن يفقد مئة جرام من الشحم يحتاج أن يسير 35 كيلومترا! ولكن مثل هذه المسافة تجعله يلتهم كمية من الطعام تفوق الشحم الذي تخلص منه. والحقيقة أن أبرز معلومة استفدتها، ولم أكن أعرفها من قبل هي أنه لكل امرئ وزن نموذجي، حتى لو كان يبدو لك أنه ضخم، فالوزن يدخل في تقديره بنية الجسم، المقصود بها الهيكل العظمي، فمن كانت عظامه صغيرة، يكون هيكله دقيقا، وبالتالي صغير البنية.

تفاصيل ما ورد في المقال، الذي أشرت إليه، لم تكن هدفي بالدرجة الأولى، ولكن للتدليل على أن القراءة مهما كانت بسيطة، تفتح لك مواضيع تتحدث عنها أكثر مما تتصور، فالقارئ لا بد أن تشده جملة ما فتتفتح له مواضيع لم تخطر على باله كالقفشة التي ذكرتها في بداية هذا الموضوع، الذي لا بد أن يكون هناك من يهتم به، فمن لا يعرف مغبة أطباق يوم الجمعة، التي تنتظر المرء بمجرد عودته من صلاة هذا اليوم المبارك.