Atwasat

مأزق العدو الصهيوني

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 03 ديسمبر 2023, 02:20 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

يمكن لأي طرف، دولة كان أو حركة تحرر وطني ثورية أو جماعة مسلحة عنفية من نوع آخر، أن يبدأ الحرب، لكنه لا يستطيع ضمان التحكم في مساراتها، ولا أن يتوقع ما تفاجئه به من تطورات وتقلبات والسيطرة على نتائجها.
هذا ينطبق على حرب الإبادة والاقتلاع التي يشنها كيان العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وأيضا، وإن بدرجة أقل، في الضفة الغربية.

ولا يستقيم القول بأن المقاومة الفلسطينية، بقيادة منظمة حماس وذراعها العسكرية كتائب القسام، هي التي بدأت بشن الحرب على دولة العدو الصهيوني في السابع من أكتوبر 2023، فحرب العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني دائرة، بمدى أو آخر، حتى قبل تنصيب كيانه سنة 1948.

في هذه الحرب قتلت قوات العدو الآلاف المؤلفة من أطفال ونساء وشباب مدنيين وشيوخ من الشعب الفلسطيني، ويتمت الأطفال ورملت النساء والرجال، وأصابت الآلاف منهم بعاهات دائمة، ودمرت اقتصاد القطاع، فالاحتلال يقتل المدنيين في حين أن المقاومة تقتل العسكريين. وقوات الاحتلال يهمها استهداف أطفال وشباب الفلسطينيين، لأن موتهم أو إعاقتهم بدنيا يلغيان إمكانية أن يشكلوا مستقبلا أجيالا ثورية جديدة من المرجح أن تكون أكثر تطورا في الخبرات القتالية والتكنولوجية، وتحمسا لمجابهة العدو.

بالمقابل، أدت هذه الحرب إلى إلحاق أذى بالغ باقتصاد العدو. صحيح أنه لا يمكن أن يقارن بما تعرض له اقتصاد قطاع غزة من دمار، ولكن ينبغي الأخذ في الاعتبار أن اقتصاد العدو «اقتصاد دولة» لا يصمد أمام الأزمات طويلا، على حين أن اقتصاد غزة هو اقتصاد شعب تعود عبر عقود على الحصار ومرارة العيش، ولا يضع سقفا للصمود وقدرته على التحمل.

وعلى الرغم من الفظائع والأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني المشار إليها الآن، فإن العدو الصهيوني لم يحقق أي هدف من أهدافه المعلنة، المتمثلة في القضاء على المقاومة، واستعادة الأسرى والرهائن بالقوة، وتهجير سكان غزة إلى خارج فلسطين.
هذا يعني أن «دولة» كيان العدو الصهيوني لم تنتصر (إذن فهي مهزومة)، وأن المقاومة الفلسطينية الإعجازية لم تهزم (وإذن فهي منتصرة).

ووفق هذه الحالة، تكون الحرب قد وضعت «دولة» الكيان في مأزق حقيقي يتمثل في خيارين موجعين ومذلين، فهي لا تستطيع الاستمرار في الحرب، لأن هذا من المتوقع أن يلحق بها، على المستوى العسكري، هزيمة نكراء. كما لا يمكنها الانسحاب دون تحقيق أي من أهدافها، لأن هذا يعني تسليمها بالفشل والهزيمة، ويزعزع كيانها.