Atwasat

ما حكَّ جلدكم مثل أظافركم

أنور الكبير الإثنين 13 نوفمبر 2023, 07:12 مساء
أنور الكبير

نعم، ماحكَّ جلدكم إلا أظافركم، سيروا حيث وجهتكم ولا تنظروا لِمنْ حولكم، لقد أنرتم دربًا كان مظلمًا، وأيقظتم قلوبًا كادت أن تموت، وعلّمتم المتعجرفين قبل الشقيق المتخاذل كيف تُنزع الحقوق، فعلَا نواح المتطبعين في صمت، وامتلأت أفواه حكامنا بالماء، وسقطت أقنعة الغرب، وخرقت الحقيقة آذان وعيون شعوب كانت معزولةً لا تعلم.

بأنغام خيوط فجركم، صدحت موسيقى هواتفهم من كل مكان إلى كل مكان، فزِع الجميع فالخطب جلل والكارثة تجاوزت مستقبلهم... ضباط وجنود أسرى، وفرقة غزة توقفت ألحانها، وأسرارهم صارت مباحة، وما خفِيَ أعظم... دبَّ الهلع والخوف والارتباك... وذاع الخبر.

أيقظوا عجوز أمريكا وصقور أوروبا فانتفض الجميع يُلملِم أوراق التوت الساقطة عن جسد المنكوب... شمَّموه شتى العطور الفرنسية ليستعيد وعيه، دون جدوى، فتسابق الجميع هرعين إليه حاملين المال والسلاح المحرَّم وغير المحرَّم، ومُسيّراتهم ونُخب جيوشهم التي لا تُقهَر، وأطلقوا العنان لإعلامهم علّهم يسترون ما بقي، أمّا صقورنا فحدّث ولا حرج، من أقام الدنيا ولم يقعدها اكتفى بوقف التهجير، والآخر مسترخٍ ومُنتشٍ (بعلكته)، أمّا صاحب القضية فذلك يحتاج مقالا وحده. فقد أعيته شيخوخته ولم يعد قادرًا إلا على إطلاق شرطته على من يُفترض أنه رئيس لهم.

لا غرابة في انتفاض أمريكا بهذه السرعة والقوة دفاعًا عن العدو، فقد أوجز عجوزها العلاقة بينهما بقوله «ليس من الضروري أن تكون يهوديًا لكي تكون صهيونيًا» وهذا ما أكده الكاتب نُعوم تشومسكي في كتاب الاستياء العالمي، صفحة 98، ترجمة وتقديم د. محمد جياد الأزرقي، حينما قال «هناك عوامل ثقافية بالغة الأهمية.. إن أفكار النخبة من المسيحيين الصهاينة، التي تقوم اعتمادًا على الأساطير الكتابية تعود إلى فترة سبقت طويلًا الصهيونية اليهودية. ومن الناحية العملية ومنذ عام 1948 بالذات انضمت إليها حركة صهيونية متطرفة متمثلة بالحركة الإنجيلية، ويُشكّل هؤلاء الآن قاعدة الحزب الجمهوري». لهذا، فلا غرابة أن يُصرّح السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بقوله «إن هذه الحرب حربٌ دينية»، ويقدم أنطوني بلينكن يهوديته على صفته كوزير للخارجية في زيارته للأراضي المحتلة.

ما يُمعِن فيه العدو الآن في فلسطين المحتلة من قتل متعمد، وتدمير للبُنية التحتية، وتصفية بشرية، وقطع جميع سُبل الحياة، ومحاولات التهجير القسري لن تجلب للعدو الانتصار ولن تحقق له أحلام دولته، ولهم في جنوب أفريقيا التاريخ والعبرة، والخريطة التي يُراد إعادة رسمها من جديد لن يرسمها إلا صاحب الأرض وإن طال الزمان، لأنه يمتلك الحق الذي تعترف به كل الأديان السماوية.

وماذا بعد.. لا شيء غير مستقبلٍ لواقع نضالي نهايته أمران لا ثالث لهما، النصر أو الاستشهاد، في ظل عالمٍ بدأ يتلمس رويدًا رويدًا كذِبَ المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي ترسم مسار العلاقات الإنسانية والأخلاقية في الحروب بين الدول، وإعلامٍ غربي مفضوح يختزل 75 عامًا من الاحتلال في مشهد يومٍ واحد، وفكرٍ شعبوي يستيقظ من عزلته وسُباته ليشاهد ما يحدث خارج حدود دولته من فظائع وإجرام وتزوير للحقائق يرتكب بيد دولته.

أمّا القادم.. ستحفرونه بأظافركم وأسنانكم وصمود شعبكم، فقد خذلكم جميعهم، ولم يبق لكم إلا الله وسواعدكم.. النصر أو الاستشهاد.