Atwasat

الطفل الذي سيحرِّر فلسطين قد وُلد بالفعل!! (1-2)

علي المجبري الجمعة 03 نوفمبر 2023, 11:37 صباحا
علي المجبري

اللّافت في العرب هو أنهم لا يؤمنون بقدراتهم!. ولا يثقون في شجاعتهم، ولا يتقرّبون إلى طائراتهم ودباباتهم، بل ولم يُدركوا حتى اليوم أنهم تطوروا.

العالم يتطور، والفواصل الزمنية بين البلدان تتقلص إلى حد كبير؛ فالمسافة التي كانت بين الهنود الحمر والمغامرين الأوروبيين في أميركا تقلصت مائة مرة. ومسافة الأربعمائة سنة التي كانت بين نخبة البلدان العربية وأوروبا تقلصت حتى أصبحت خمسين عامًا.

فرفع القيود عن العلوم، وتدفق المعرفة، وإطلاق مليارات المعلومات لتسبح في غلاف الكرة الأرضية، قرَّب المسافة بين الدول المتقدمة والمتخلفة، حتى إن الرجل الذي كان يسير عاريًا في أدغال أفريقيا قبل سبعين عامًا يقود أكثر الطائرات تطورًا ويحلّ أكثر المعادلات تعقيدًا.

فمشاعية المعلومات، والإنفاق على التقنية، يقصّر الزمن بين الدول بشكل كبير ومتسارع؛ فالإمارات التي كانت تبعد مسافة 700 سنة عن أوروبا استطاعت في 50 عامًا أن تتفوق على نصف دول أوروبا وتتخطاهم في 85% من مناحي الحياة.
منذ 60 سنة كان الفارق الزمني بين العرب وإسرائيل في مجال العلوم والتقنية يتعدى 100 سنة لمصلحة الأخيرة، في حين أن هذا الفارق تقلص ليقف اليوم عند مسافة لا تزيد على 10 سنين.

وهذا التقارب لا بد أن يؤثر على الصراع العربي الإسرائيلي، فمعاهدات السلام التي أبرمها العرب زمنَ ضعفهم - والتي جاءت على حساب القدس وشعب فلسطين - تصلّي إسرائيلُ من أجلها وإن كانت تُظهر عكس ذلك.

فإسرائيل التي تتظاهر بأنها لا تريد السلام، هي أول من يعلم أن وجودها مرتهن بتوريط العرب في معاهدة سلام ترعاها وتضمنها وتدافع عن استمرارها الدول الكبرى، وأن (حالة اللا سلم واللا حرب) التي تجعل باب الحرب مفتوحًا لا تصب إلا في مصلحة العرب.

فالوطن العربي المكون من 22 دولة، يقع في قلب العالم، على قارتين، ويتمدد هذا العقار العظيم على أكثر من عشرة بالمئة من العالم. بمساحة تبلغ 5000 ضعف مساحة دولة إسرائيل!

ويفوق طول سواحله 84 مرّةً ساحل إسرائيل. في حين يفوق عدد سكان الدول العربية شعب إسرائيل بـ50 ضعفًا. وتضم البلدان العربية عدد 620 مدينة كبرى وأكثر من 6000 مدينةٍ متوسطة وصغرى، بينما يوجد في إسرائيل عدد 14 مدينة كبرى و75 مجمعًا قد يطلق عليه مدينة صغرى أو متوسطة. فمدن العرب الكبرى تفوق نظيراتها في إسرائيل بـ44 ضعفا ويزيد عدد مدنها المتوسطة والصغرى على مثيلاتها الإسرائيلية بـ80 ضعفًا.

أما الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية فيتجاوز 3.5 تريليون دولار كخامس أعظم اقتصاد في العالم (متجاوزًا اقتصاد الهند) ومتفوقًا على الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بما يقارب 15ضعفًا، بينما تتفوق ميزانية الدفاع العربية على الميزانية العسكرية الإسرائيلية بنحو 8 أضعاف، ويتجلى هذا الفارق في التفوق العربي في امتلاك الطاقة البشرية والآلة العسكرية؛ حيث تتجاوز القوة البشرية العسكرية العربية 5 أضعاف عدد أفراد الجيش الإسرائيلي.

كما يصب التفوق في امتلاك الآلة العسكرية لمصلحة الجيوش العربية، فيمتلك العرب من الدبابات ما يزيد على 11 ضعفًا مما تمتلكه إسرائيل منها، ونحو 10 أضعاف مما تمتلكه إسرائيل من العربات المدرعة، و11 ضعفًا من المدافع ذاتية الحركة، و20 ضعفًا من مدافع الميدان، كما تبلغ قوة الأنظمة المضادة للصواريخ 40 ضعفًا، وأكثر من 9 أضعاف القوة الجوية، ونحو 20 ضعفًا من قوة إسرائيل البحرية، بينما تتفوق إسرائيل بامتلاكها الرؤوس النووية حيث إن الرقم المخمَّن لعددها يقارب 100 رأس نووي مقابل عدم امتلاك الجيوش العربية أي رأس منها.

فهل فعلًا تمتلك إسرائيل السلاح النووي؟
يوجد اعتقاد بأن إسرائيل تمتلك هذا السلاح، وإن كانت لا تعترف به ولا تنفيه، تمشيًا مع سياسة (التعتيم النووي) التي تتبعها، فإسرائيل تكتفي بترديد عبارتها الشهيرة «إنها لن تكون أول بلد يُدخل السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط» تنفيذًا لما تفاهمت عليه إسرائيل والولايات المتحدة في 10 مارس عام 1965م فيما يعرف بمذكرة تفاهم (أشكول وكومر).

وتأتي معظم التخمينات والتقارير التي تؤكد امتلاك إسرائيل للسلاح النووي من تسريبات مردخاي فعنونو، الفني في مركز النقب للأبحاث النووية التي نُشرت في جريدة صنداى تايمز اللندنية في 5 أكتوبر عام 1986م وما صرح به رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت عام 2006م. ولا يمكن الجزم إن كانت هذه المعلومات حقيقية أم ادعاءات تضليلية تهدف إلى إرعاب العرب وجعلهم يشعرون بأنهم تحت تهديد وحشي لا قِبل لهم به ولا منجاة لهم منه. ومع كل ذلك فمن الأكْيَس أن تؤخذ هذه التسريبات على محمل الجد.

فإسرائيل إن لم تكن تمتلك هذا السلاح لاخترعت قصة امتلاكه لترهب أعداءها العرب وتجعلهم يتجنبون إعلان الحرب عليها خوفًا من ردة فعلها النووية.
فإسرائيل خططت لامتلاك سلاحها النووي منذ عام 1948م وقد ساعدتها فرنسا في إنشاء (مفاعل ديمونا) بين عامي 1958م و1964م بهدف تخصيب اليورانيوم. ومن المؤكد أن إسرائيل استفادت من مشاركة علمائها في التجارب النووية الفرنسية التي أجرتها في الصحراء الجزائرية بدءًا من عام 1962م، كما يشتبه بإجرائها تفجيرًا نوويًا تحت الأرض في صحراء النقب أواخر عام 1966م وهو المكان الوحيد لإجراء هذا التفجير النووي - المحدود بالضرورة - داخل إسرائيل، ولم يتم تأكيد أو نفي حدوث هذه التجربة. غير أن مصادر متخصصة أكدت أن إسرائيل قد أجرت بالفعل تجربة نووية يوم 22 سبتمبر 1979م، على مسافة 1500 ميل جنوب شرقي رأس الرجاء الصالح في تجربة مشتركة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا.

وبالتوافق مع ذلك يقدّر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن إسرائيل لديها ما يقارب 80 رأسًا نوويًا، كما تشير تقديرات أخرى إلى أن إسرائيل تمتلك نحو مائتي قنبلة نووية. وهذه الرؤوس يمكن إلقاؤها من الجو، أو قذفها إلى مسافات تصل إلى 1500 كيلو متر باستخدام صواريخها المسماة «أريحا».

وتستطيع القنبلة الذرية الواحدة أن تقتل من مئة ألف شخص إلى ضعف هذا العدد وأكثر بكثير حسب الكثافة السكانية للمدينة التي تسقط فوقها ونوع التفجير (في الهواء أو على سطح الأرض) ففي السادس من أغسطس 1945م مثلًا قتلت قنبلة نووية عيار (15 كيلو طن من مادة تي إن تي) عدد 140 ألف شخص في هيروشيما بينما في ناغازاكي أودت شقيقتها بحياة 74 ألف شخص.

ويُعتقد أن إسرائيل تقوم بتصنيع أسلحتها النووية في مركز النقب للأبحاث النووية، الذي يقع جنوبي ديمونا في صحراء النقب.

وإذا افترضنا أن إسرائيل تمتلك فعلًا هذا السلاح الفتاك، فإن قنبلة نووية بقوة (10 إلى 15 كيلو طن) يمكن أن تحدث تدميرًا كارثيًا في مدينة صغيرة الحجم يصل امتداده إلى مسافة (2.4كم) من مركز الانفجار.
فهل سينجو العرب من ضربات نووية محتملة إذا نشبت حرب حاسمة تشترك فيها جميع البلدان العربية ضد إسرائيل التي ستجد نفسها أمام (تهديد وجودي)؟ وما مدى تأثير هذه الضربات على البلدان العربية؟ وهل ستؤدي في النهاية إلى انتصار إسرائيل على البلدان العربية؟