Atwasat

الحل النهائي..!!

عطية صالح الأوجلي الإثنين 16 أكتوبر 2023, 03:45 مساء
عطية صالح الأوجلي

مصطلح «الحل النهائي»، الذي يشير إلى القتل الجماعي لليهود في أوروبا، كان تعبيرا استخدمه وروج له قادة ألمانيا النازية، وغضت الأبصار عنه جهات عدة في أوروبا. وأتى هذا المصطلح نتيجة حتمية للتدرج في التعاطي مع المسألة اليهودية التي سكنت قلوب وعقول الأوروبيين لقرون، وجاء ليتوج أقسى درجات التعامل مع الوجود اليهودي في أوروبا. لكنه لم يكن ليُطرح لولا سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري والحملات التعبوية والإعلامية والمجازر التي تعرض لها اليهود لقرون في أوروبا، فهي التي مهدت الطريق لهذا الحل الجنوني.

واليوم، ونحن نشهد سياسات مماثلة ينفذها الصهاينة في غزة، وتساندها حملات إعلامية وتعبوية غير مسبوقة، وعلى أعلى المستويات في الأوساط الحاكمة في أوروبا وأميركا، وفي وسائل الإعلام، ومن شخصيات عامة، بل من جامعات مرموقة كنا نحسبها الحصن الحصين لحرية الفكر والتعبير، بحيث أضحى حمل العلم الفلسطيني وتأييد القضية الفلسطينية يقابل بالمنع، وأحيانا التجريم في بعض الدول الأوروبية.

كما شاهدنا توظيفا للدين من قِبل وزراء وأعضاء في الكونغرس. كل ذلك من أجل شيطنة الخصم الفلسطيني، ونزع كل الصفات الإنسانية عنه، يصبح قصف وتدمير البيوت والمجمعات السكنية، وقتل الأطفال، وحرمان السكان من الكهرباء والغاز والدواء، وهدم المؤسسات التعليمية والمساجد، بل التهجير، كل ذلك هو دفاع عن النفس ضد الخصم الشيطاني.

هذه السياسات لم تأت من فراغ أو مفاجأة، بل هي نتيجة منطقية لمسيرة بدأت من العام 1948، واستمرت حتى الآن. لكنها ازدادت زخما مع تزايد نفوذ اليمين الديني المتطرف، ووصول رموزه إلى مجلس الوزراء، والضعف الذي تعيشه الكيانات السياسية العربية الهشة. كل ذلك أصبح يغري الصهاينة بالوصول إلى الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وإعلان دولة يهودية صرفة من نهر الأردن حتى المتوسط، وإغلاق الملف الفلسطيني للأبد، أو هكذا خيل لهم.

هذه السياسات هي آخر ما في جعبة الحركة الصهيونية التي بدأت تحس بتراجع حلمها التاريخي، وترهل قواها، وهو خيار لن ينجح، حتى إن تمكنت قواتها من احتلال كل قطاع غزة، لأن الاحتلال هو الذي أفرز المقاومة، ووجود السلاح لا يخلق المقاومة، فالمقاومة هي حق طبيعي لشعب احتلت أرضه، والذى سيجد حتما أشكالا أخرى من النضال ستفاجيء العدو، تماما كما فاجأه «طوفان الأقصى».