Atwasat

بين المواطنة والسيادة

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 16 أبريل 2023, 01:40 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

صدفة، وقعتُ على بضعة تسجيلات للمناضلة الفلسطينية في أراضي فلسطين المحتلة سنة 1948 (التي نُصِّب عليها الكيان الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري، المسمى إسرائيل) حنين الزعبي، وكانت المرة الأولى التي أسمع فيها بها. من ضمن هذه التسجيلات لقاء مطول معها* تتحدث فيه عن فكرها السياسي ورؤيتها لطبيعة الرؤية النظرية والمنهجية التي ينبغي تبنيها من قبل "فلسطينيي الداخل"، والنهج السياسي وطبيعة الرؤية المتعلقة بالنضال الفلسطيني بالداخل، وحل القضية الفلسطينية التي يتبناها حزب "التجمع الوطني الدمقراطي (تأسس سنة 1995 من قبل عزمي بشارة)" وشعاره "هوية قومية، مواطنة كاملة" الذي حنين الزعبي قيادية فيه.

فكرة "المواطنة الكاملة" هي لبنة الزاوية في هذا الطرح. فهي تقول "أنا صاحبة وطن، ولست مواطنة" وأن النقاش ينبغي أن يتركز على "السيادة" وليس على "الحقوق"، فالحديث عن الحقوق يعني، ضمنيا، أن الفلسطينيين في الكيان الصهيوني أقلية تطالب بـ"المساواة" و"المواطنة". هذا الطرح يلائم الأقليات المسلمة في أوروبا، مثلا. على حين أن الفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني ليسوا أقلية طارئة، وإنما هم "أقلية طبيعية داخل دولة غير طبيعية" وبالتالي ينبغي أن يتركز نضالهم، ليس على حق المواطنة والعدالة الاجتماعية، وإنما على حق السيادة على بلادهم وفق السردية التاريخية الخاصة بهم والعدالة الطبيعية "وليس ضمن سردية المواطنة". تقول "لا أقبل ولا أعترف بجوهر هذه الدولة، لأن هذا وطني". بحيث يكون جوهر الطرح هنا هو "تصفية الاستعمار" بما أن هذا الكيان كيان استعماري استيطاني لا يحوز وجوده على الأرض الفلسطينية على أية شرعية من أي نوع.

هذا الطرح يمثل قلبا للبرادايم Paradigm (جدول المباديء) في الفكر السياسي السائد بشأن القضية الفلسطينية. إنه "استئناف على موقع فلسطينيي الداخل التاريخي والفوقية والاستعلاء" المتبعَيْن من قبل الكيان الصيهوني الدخيل على أصحاب الأرض الفعليين. أي أنه أيضا "استئناف على السيادة اليهودية والصهيونية" و"إعادة تعريف الحالة الفلسطينة في الداخل". وهذا الاستئناف هو "ضد التسويات" المطالبة بـ"سياسة التعايش". لأن مطلب سياسة التعايش ينطلق من التسليم بديمومة الحالة الراهنة، على حين أن الأمر غير ذلك. وهذا البرادايم لا يمكن إنفاذه إلا في نظام آخر يكون فيه الفلسطينيون أصحاب وطن، وليسوا أقلية.

هذه الرؤية، على هذا النحو المحدد والواضح، ترفض الحالة الراهنة (حالة الديمومة) كما أنها تقف ضد حل الدولتين، وتدعو إلى حل الدولة الديمقراطية على أرض فلسطين بكاملها حيث تتحقق سيادة الشعب الفلسطيني على أرضه.

الحقيقة، أن مبدأ حل الدولة الدمقراطية طرح قديم بادر به الحزب الشيوعي الفلسطيني (تأسس عمليا سنة 1923)، منذ عشرينيات القرن الماضي، لكنه تخلى عنه بعد تنصيب الكيان الصهيوني انسجاما مع موقف الاتحاد السوفييتي الداعم للتقسيم وحل الدولتين. كما طرح من قبل" الجبهة اليمقراطية لتحرير فلسطين" سنة 1969، بيد أنها تخلت عنه لاحقا سنة 1971 بعد أخراج المنظمات الفلسطينية المقاتلة من الأردن ودعت إلى إقامة دولة على الأراضي الفلسطينية التي يتم تحريرها. لكنه لم يطرح من قبل حزب سياسي فلسطيني في الداخل إلا من قبل حزب "التجمع الوطني الدمقراطي" الفلسطيني العامل على أرض فلسطين المحتلة سنة 1948.

* https://www.youtube.com/watch?v=c_YA7hUOyIk

جدير بالذكر أن حنين الزعبي كانت عضوة في الكنيست ومنعت من إعادة الترشح بسبب مواقفها من "شرعية" الكيان الصهيوني:
https://www.youtube.com/watch?v=U2VnwxVemlY

* للاطلاع على رؤية تتماس مع هذا الطرح تُنظر مقالاتنا على الروابط أدناه:
https://alwasat.ly/news/opinions/320541?author=1
https://alwasat.ly/news/opinions/321936?author=1
https://alwasat.ly/news/opinions/322571?author=1
https://alwasat.ly/news/opinions/349120?author=1