Atwasat

«الإعمار في بنغازي»

عبدالله الغرياني الإثنين 27 مارس 2023, 03:17 مساء
عبدالله الغرياني

شخصياً كنت أتمنى منذ نهاية المعارك التي خاضها الجيش والمساندون له ضد تنظيميّ «القاعدة وداعش»، بأن تبدأ عجلة الإعمار والبناء تدور وتدخل مدينة بنغازي لمرحلة الإنعاش تستعيد من خلالها واجهتها العمرانية ويعود النشاط في مركزها المتمثل في وسط المدينة ومحيطها، ولكنني أعلم جيداً بأن هذا الأمر أشبه بالمستحيل في ظل الحكومات الانتقالية السابقة والحالية التي كان شعارها ولا يزال الفساد والنهب بملفات مثقلة أثبتتها تقارير دواوين المحاسبة، فكان لا يمكن بأي شكل من الأشكال تسليم هذا العمل إلى هذه حكومات ومسؤوليها العابرين الذين أتوا لمناصبهم من خلال المحاصصة النيابية كأدوات لتشريع الفساد والسرقات.

أساس الإعمار والبناء هو الاستقرار السياسي والمؤسساتي الذي من خلاله يمكننا مشاهدة بناء وإعمار سليم ومراقب وبعيد كل البعد عن لوبيات العبث والتخريب كالتي تدير الفساد اليوم في بنغازي، لجان مكلفة بطريقة «الكولسة» وشركات مقاولات تأسست بين يوم وليلة لتستلم أعمال صيانة وإزالة مبانٍ بشكل عشوائي فقط لاستنزاف ما يمكن استنزافه من ميزانيات رصدت لهذا العمل، العبث في قلب المدينة تقف وراءه عقود الإزالة التي تتجاوز ملايين الدينارات، وعندما تتوقف الآلات عن الهدم لن تأتي بعدها آلات البناء وقد نشاهد مشاريع تشوه واجهة المدينة.

بنغازي تحتاج لاستقرار طويل الأمد وسلطات نزيهة ومؤسسات رقابية صارمة وشفافة، والبناء والتشييد لا بد أن يكون بشراكة أجنبية أوروبية، فألمانيا مثالاً تجاوزت بجدارة الدمار الهائل الذي تعرضت له مدن ولاياتها الكبرى من خلال مشروع جورج مارشال، فيمكننا الاستعانة بها وبشركاتها ومؤسساتها الهندسية، أما هذا العبث فلن يقدم لبنغازي شيئاً غير زيادة الدمار والخراب والنهب. فهذه الشركات الحديثة مرهونة جميعها لإدارات فاسدة تتعاطى الرشوى والعمولات والحديث يشمل أعمال الطلاء والترميم الذي شهدته عدد من المباني والعمارات السكنية مؤخراً، وللعلم هذا النهب ليس بجديد سبق وأن حدث في العهد السابق عندما قررت الدولة ترميم واجهات المباني السكنية في بنغازي ومضى الزمن وعادت كما كانت وأسوأ.

وأختم، إذا استطاعوا تمرير فسادهم ودمارهم اليوم فحتماً لن يمرروه في المستقبل. فسوف يحاسبهم الجيل الصاعد على هذا العبث والدمار.