Atwasat

مقدمة في الدراسات «النسوية» الغربية (2)

محمد قصيبات الإثنين 16 يناير 2023, 02:44 مساء
محمد قصيبات

(1)
حققت الموجةُ الأولى من الحركات «النسوية» بعضَ أهدافها وهي حق التصويت وحق التعليم للمرأة، فضعفت الحركة بعد ذلك وكان لا بدّ من تحريكها من جديد من طرفِ امرأة ذهبتْ أبعد من الموجة الأولى وأصدرت كتابا بعنوان «الجنس الثاني» الذي ترفض فيه فكرة وجود كائن اسمه المرأة وكذلك فكرة الزواج والأمومة.

كانت مؤلفة الكتاب هي صاحبة الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر. أثار هذا الكتاب غضبًا واسعًا بين الكتّاب الفرنسيين من بينهم اثنان من الكبار اللذين حصلا فيما بعد على جائزة نوبل للآداب وهما فرانسوا مورياك وألبير كامو؛ وصف الأول الكتاب بـ «الحقارة»، أما كامو فقال إن فيلسوفة الوجودية دو بوفوار تسيء للرجل الفرنسي دون أدلة.

في الواقع من أطلق رصاصة الرحمة على سيمون دوبوفوار هو الوجه المظلم لحياتها الخاصة.


(2)
من هي سيمون دو بوفوار؟
وُلدت الكاتبةُ التي كانت من عائلة برجوازية فرنسية عام 1908، وكانت ستتزوج من ابن عمها جاك قبل دخولها الجامعة، لكن خطيبها يتركها من أجل فتاة أخرى من عائلة أكثر غنى فتدخل سيمون في حالة اكتئابٍ حتى تلتقي بجان بول سارتر فتقع في حبه وتحاول الزواج به، لكن سارتر يقترح عليها ما عُرف فيما بعد بـ «العقد الشيطاني»، الذي يوقع فيه الطرفان حق تعدد الزوجات والأزواج، وكانت مدة الاتفاق عامين قابلة للتجديد، وهذا ما فعله الاثنان حتى الموتِ، وكان من ضمن بنود الاتفاق ألا يُخفي أحدهما شيئا عن حياة الآخر، بل ذهب كلاهما أبعد من ذلك حيث «اصطاد» كلاهما فريسته للآخر، وهذا ما سيولد كراهية الشعب الفرنسي لهذين الزوجين فيما بعد.

وكانت سيمون دو بوفوار تتنقل بين رجليها اللذين هما سارتر في فرنسا ونيلسون الجرين في الولايات المتحدة.

كتبت دو بوفوار في مذكراتها تقول «إن سارتر كان ساديا في علاقته مع النساء وكانت تفضل علاقتها مع الأمريكي الدرين... وبالطبع مع عشيقاتها المثليات المعروفات.

(3)
كتاب «الجنس الثاني»*
أصدرت سيمون دو بوفوار كتابها الجنس الثاني عام 1949 والكتاب في الواقع يقدم المرأة من زاوية الوجودية، وقيل إن سيمون كتبت كتابها هذا تحت تأثير جان بول سارتر. في الواقع لم ينتبه أحدٌ لهذا الكتاب في بداية الأمر والكاتبة لم تعتبره كتابًا نسويًا قط بل كانت فكرة الكتاب إعداد موسوعة تزيد على الألف صفحة يتناول جوانب عدة عن المرأة مما كُتب من الناحية التاريخية والأسطورية والاجتماعية. كان الإقبال على الكتاب من العامة جيدا لأن سيمون دو بوفوار تطرقت، للمرة الأولى، للفعل الجنسي عند المرأة حيث نقلت عن طبيب أمريكي فصولا عدة من الكتاب الذي نشر في بداية الأمر على شكل مقالات بمجلة يملكها سارتر ودو بوفوار، أما جملتها المشهورة التي تشكل العمودَ الفقريّ للكتاب والتي تقول فيها دو بوفوار «المرأة لا تُولد امرأة بل تصبح كذلك» هي في الواقع تغيير لما كتب «ايراسموس» قبلها بأربعة قرون حيث يقول «الرجل لا يُولد رجلا بل يصبح كذلك.

(4)
في الأشهر الأخيرة نُشر الكثيرُ عن الوجه المظلم لسيمون دو بوفوار وكذلك عن الانحراف الجنسي عند سارتر اللذين يتهمهما الفرنسيون بالاعتداء الجنسي على الأطفال
Pedophilie في الأربعينيات من القرن الماضي وكذلك لتوقيعهما على عريضةٍ نشرت بصحيفة لوموند يوم 26 يناير 1977 وهي العريضة التي تطالب بعدم تجريم العلاقات الجنسية بين البالغين والأطفال، ولكن لأن الفيلسوف والفيلسوفة غادرا هذا العالم منذ عقود لم يعد ممكنا محاكمتهما.. فالموتى لا يحاكمون، لكن محكمة الضمير باقية فلقد اختفت مكانتهما حتى إن بعض جامعات العالم صارت تنزع أسماء سارتر ودو بوفوار من قائمة أسماء المدرجات كما حدث في جامعة كونكورديا بكندا.

يقول البعض «على أي حال تم سحب رخصة التدريس من سيمون دو بوفوار عام 1943 التي لم تتمكن من التدريس في فرنسا بعد ذلك وذلك حين رفعت أمُّ إحدى التلميدات قضية ضد سيمون دو بوفوار.. القضية التي شكلت صدمة للفرنسيين عندما علموا أن سيمون دو بوفوار كانت تمنح الفتيات هدية لجان بول سارتر بعد أن تجربهن وتختار ما يليق بفيلسوف الوجودية.

• يمكن أن تكون الترجمة العربية لعنوان الكتاب «البظر» وهو أقرب لحقيقة الكتاب وليس الجنس الثاني كما ترجمه العرب.

* لمن أراد مزيدا من المعلومات يمكن الاطلاع على المراجعين التاليين:

Hazel Rowley: tète à tète: Simone de Bouvoir and Jean Paul Sartre.
Ingrid Galster: Les trois vies de Simone de Bouvoir