Atwasat

عام جديد.. أحلام قديمة

جمعة بوكليب الأربعاء 28 ديسمبر 2022, 01:39 مساء
جمعة بوكليب

حدثان، سياسي ورياضي، على الترتيب، يميزان العام 2022. الحدث السياسي حربي، تصادف حدوثه في الشهر الثاني من العام، ونعني به الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا.

الحدث الرياضي كان في نهاية العام، ونعني به بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر. الحدثان على طرفي نقيض. الأول شطر العالم قسمين. وزعزع أركان القارة العجوز – أوروبا، وأعاد إلى ذاكرتها ما كانت خلال أكثر من نصف قرن أو يزيد تحاول نسيانه، من حروب، تمتلئ بها صفحات تاريخها. وفكك السلم الدولي.

الحدث الرياضي العالمي، يقف في الجهة المقابلة من الأول. جمع اهتمام أمم العالم وشعوبه في نقطة صغيرة، في مهرجان كروي تاريخي، أقيم في بلد صغير جداً، لا يكاد يبين على خريطة العالم.

بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، رغم ضجيج الهجمات الإعلامية الغربية الشديدة، كانت الحدث العالمي الإيجابي الوحيد، الذي شغل قرابة شهر اهتمام شعوب العالم بالإثارة والتشويق.

وأراهن أن عشاق المستديرة وغيرهم، في كل بقاع الأرض يلتقي أغلبهم ملتفين حول هذا الرأي.

الحرب الدائرة في أوكرانيا لم تنته بعد. ولا نزال نصبح ونمسي على أخبارها، وآخر ما أحدثته من دمار وقتل. ويبدو أنها ستواصل الحضور بكثافة في العام الجديد. آخر المستجدات أن حكومة أوكرانيا حذرت قواتها بضرورة أخذ الحيطة خشية من هجوم روسي، قالت إن القيصر الروسي يعد له في الفترة القريبة المقبلة.

وها نحن، في ليبيا، نتأهب استعداداً لاستقبال العام 2023، وفي سماء قلوبنا يرفرف رجاء ويحلق أمل في أن يكون العام الجديد أفضل من الراحل. ورغم نجاتنا، في العام المنقضي، من ويلات الحرب؛ فإن الأزمة السياسية دخلت أنفاقاً أخرى، عميقة ومظلمة. وازداد العداء استحكاماً بين الإخوة – الأعداء.

الرجاء والأمل لا يعنيان، أننا في ليبيا، على سبيل المثال، نتوقع أن نشهد تغييراً فجائياً يقلب المشهد السياسي رأساً على عقب. لست متشائماً، لكني في الوقت ذاته، لست متفائلاً بشكل يدعوني إلى القفز على حقائق الواقع الراهن، وتجاهل تعقد مساراته وتشابكها. ولم يتوفر بعد ما يمكن أن يكون جسراً من الممكن أن يصل بين ضفتي الخلاف.

غياب السلام، يعود إلى غياب التفاهم بين القوى الأجنبية المتورطة في الصراع الليبي، وعدم توفر النية لديها لمحاولة إيجاد صيغة تساعد على تقريب وجهات نظرها، بما يضمن مصالح كل طرف، وبما يساعد على تحقيق السلام في البلاد. هل يعني ذلك التخلي عن الأمل؟

في رأيي الشخصي، أن الأمل كان وسيظل دوماً موجوداً حولنا، وعلينا ألا نجعله يغيب عن أنظارنا، بانشغالنا بمطاردة أوهام ليست قابلة للتحقق. وأنه سوف يزداد تحصناً وترسخاً في قلوبنا وعقولنا إن تمكنا من حقنه بالواقعية، بانتظام، وعلى دفعات. وأن نتبنى أحلاماً سياسية متواضعة قابلة للتحقق، وتتسق ومعطيات وحقائق واقعنا.

لكن ذلك لا يمنعنا من التوجه إلى الله بالدعاء أن يقينا شر ما يرسمه الإخوة الأعداء من سيناريوهات يعدونها لنا، وما يصممون بينهم، وراء كواليس وأبواب مغلقة، من مؤامرات ضدنا، وأن يجنبنا كارثة حرب أخرى، تندلع بينهم، وتحرقنا نيرانها. وإذا تحقق لنا ذلك ، ومرّ العام الجديد على خير، ومن دون حرب، فهذا مكسب لكل الليبيين أمثالنا.

النجاة من شرور الحرب لا تعني أننا سنكون في منأى من شرور أخرى: التقسيم مثلاً. ويمكن، لمن يجادل في ذلك، الرجوع إلى ما يسرب من سيناريوهات محتملة، عبر وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

العام 2023 سوف يأتي ويمضي. وكل عام وأنت بخير وسلام. وكل ما نتمناه أن تتاح لنا في العام الجديد فرصة لتحقيق أحلام قديمة، حملناها في قلوبنا، ولم نفكر في التخلي عنها، رغم كل ما قابلنا من صعوبات، وما واجهنا من أعاصير.