Atwasat

بصريح العبارة

سالم الكبتي الأربعاء 13 أبريل 2022, 10:28 صباحا
سالم الكبتي

المثقف.. شخص ناضج على الدوام.

إن هذا (النضج) بصريح العبارة قد لايتوفر في أية لحظة من اللحظات لأحد من الناس. فالمثقف الواسع الثقافة والاطلاع المتصل.. المثقف الذي يتناول الأمور بجدية ويقلب جميع الأشياء على رأسها.. هو الذي يحوز تلك المكانة ويظل - على طول المدى - متميزا بنضج التجربة ونضج العقل ونضج العطاء الذي يمنح ومضاته الإنسانية الملتهبة دون بخل.
أجل. إن المثقف الناضج يحوز ذلك وحده!

والمثقف عموما بثقافته الواسعة واطلاعه العميق على القضايا والأمور المتعلقة بحياة الإنسان والمجتمع والوطن.. إذا لم يترك بواسطتهما أثرا.. إذا لم يحقق بهما أيما نفع.. إذا لم يفتح من خلالهما ثغرة في الجدار وطريقا للحياة نحو النور.. إذا لم يخطُ بهما خطوات نشطة في الدرب البعيد فإنه عندئذ (لافائدة ترجى منه) ويغدو (لاشيء تحت الضوء).

إنه هنا وبصريح العبارة ثانية يشابه أية مادة محنطة ويبقى مثل الموت بعينه سواء بسواء. لا فرق.

إن هناك كثيرين على طول المنطقة خلقوا حياة زاهرة بثقافاتهم وحركوا الساكن والراكد ومنحوا منها برحابة صدر وسعة أفقا منحوا إنسانيا فاضلا وناضجا وحققوا نتائج نبيلة. أعني هم المثقفون حقا الذين أدركوا مايحيط بهم وتفاعلوا معه ولم يبتعدوا عنه وتحركوا خلاله وأثروا فيه تأثيرا بالغا ولم يفخروا في الوقت نفسه بذلك المنح والعطاء. لم يتبجحوا. لم يقولوا أن الثقافة بطولها وعرضها وقفت عندنا ولم تبارحنا وليس هناك أحد قبلنا أو بعدنا.

أو نحن كل شيء ونمثل كل شيء وبأستطاعتنا فعل كل شيء وبنتاج ثقافتنا. إنهم لم يفعلوا هذا قط وداوموا على صنيعهم بلا ثناء وأدركوا عن وجه حق أن الثقافة بالدرجة الأولى وظيفة خطيرة وتواصل لاينقطع مع الآخرين.

وأن هناك كثيرين.. كثيرين جدا لم يقرأوا ولم يطلعوا إلا لكي يشار إليهم طيلة الزمن بالمديح والتصفيق ويقال عنهم في كل وقت: أنهم مثقفون. وأنهم (قراء جيدون) يستطيعون أن يحلوا مشاكل العالم بأسره.. أن يولجوا الجمل في سم الخياط ويصيبوا غيرهم بالهلع.

لقد ظلوا والحال كذلك يفتخرون بربطات أعناقهم وأحاديثهم المجوفة المكررة وحب الظهور في المناسبات وعلى الشاشات وفي أنهر الصحف.. بما لديهم من فكر مثقوب مكرر ومعاد وممل يريد أن يلعب دور الوصاية أو الأستذة على الغير.

لكن لعبتهم انكشفت ولم تنطل على أحد. اصطدموا بالواقع الحقيقي الذي يعرف الجيد من الرديء وعجزوا وفقا لما صاحبهم من تحجر وانغلاق.. عجزوا عن التقدم خطوات صحيحة إلى الأمام.

أولئك تمتلئ الدنيا بهم. أولئك مجرد صدى لحداء يزعج مسير القافلة المنطلقة في حرارة وشوق نحو الحياة.. ونحو الشمس ونحو الإنسان.

أولئك الذين يمثلون نخبا عرجاء يتعين أن يموتوا ويحنطوا على وجه السرعة ويوضعوا في متاحف التاريخ مثل بقية التحف.. نتفرج عليها تمضية للوقت والسأم الكافر!.