Atwasat

كل 24 ديسمبر وأنتم بخير

أحمد الفيتوري الثلاثاء 21 ديسمبر 2021, 09:48 صباحا
أحمد الفيتوري

وترى الشوك في الورود وتعمى… أن ترى فوقها الندى إكليلا
هو عبء على الحياة ثقيل… من يظن الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال… لا يرى في الوجود شيئا جميلا
• إليا ابو ماضي

فرح وجذلان وأبي ممسك بيدي، لقد أخذني معه إلى الحفل، في شارع النصر، قرب الميناء، شارع الكورنيش كان مزدحما، اندفعنا معا مع الجموع، نحو فندق برينتشي. شاهدت زملائي سنة ثالثة / الفصل الثاني، من تلاميذ مدرسة دكاكين حميد الابتدائية، في طوابير الحفل، انسللت من يد أبي، واندفعت نحوهم. لكن غرقت في يم وأمواج البشر، البشرالمتدافعين، في زحام حفل عيد الاستقلال، يوم 24 ديسمبر، ما كان أول حفل أحضر، وأتوه في خضمه.

لكن لم أفطن إلى أني من التائهين، لأنني عندئذ كنت من المحتفلين، كذا أبي لم يعاقبني، رغم أنه لا يقبل بما فعلت. قالت أمي لي، فيما بعد، أن أبي شعرأن لن أضيع منه في هذا الحفل، الناس كما في العرس، سيأتون بك إليه. وكنت الفرح الجذلان، من التقاء زملائه في حفلة ليس كمثلها شيء، لذا اندسست فيهم، من أعيدوا إلى المدرسة، ومن ثمة إلى بيوتهم، وكذا حصل معي. ولم أنس قصة توهاني هذه، ما رددتها مرات ومرات بسرور.

لعل تلك الحادثة، قد جعلت من يوم 24 ديسمبر، يوما استثنائيا في حياتي، وقد صادف أن صار لي أصدقاء، يحتفون بعيد الاستقلال متى حانت الفرصة، خاصة وأنه مرتبط بحفل رأس السنة بمعنى ما، ولهذا كثيرا ما تداخل الحفلان. وقد قمنا مرات عدة، بترديد النشيد الوطني في هكذا مناسبة، كان ذلك فترة السجن ما استغرقت سنوات عشر، أو كان قبلها. إن 24 ديسمبر ذكرى عزيزة، وكما أشرت، أنها ارتبطت باحتفالات العالم برأس السنة. وأذكر أننا كنا أيضا، نحتفل بعيد ميلاد شخصية عزيزة علينا، صادف أن كان ميلادها في نفس اليوم.

لقد كنا نحتفل لنعزز الحياة فينا، ذات مرة صديق لنا، أقام احتفالا بافتتاح مطعم بمدينة بنغازي، ذهبت والصديق الراحل إدريس المسماري، لحضور الحفل، أخذنا معنا طفلته ذات السنوات الثلاث تقريبا، كانت ترتدي ملابس بألوان الموضة، مثلما كل الأطفال. الصديق صاحب الحفل، وهو يرحب بنا عإق ساخرا: ليبيا ادريس، وهندامها بألوان العلم الليبي. ولم نفطن طبعا لذلك، لكن رد إدريس نبهني: وأنت تحتفل بافتتاح مطعمك، ليلة الكريسمس وغدا 24 ديسمبر.

كان ذلك، في أواخر تسعينيات القرن الماضى، حيث ذات مرة أخرى، تم إيقاف الصديق خالد الترجمان، قرب نهاية السنة، من قبل المباحث، كالعادة وبدواعٍ أمنية. ذهبت والراحل رمضان بوخيط، إلى مقر المباحث لزيارة الترجمان، وكان رئيس المباحث ببنغازي جارا سابقا لبوخيط. حين جلسنا معه، ذكر لي أننا تحت أنظارهم، وأنه يعرف باحتفالنا في الأيام الماضية، بيوم 24 ديسمبر وترديدنا النشيد. وكان ذلك حدث، تلكم المرة وقبلها وبعدها، في بنغازي، أو عند أصدقائنا بالزاوية خاصة، وبمدينة درنة.

لقد كنا نحتفل لنعزز الحياة فينا، رغم أن الاحتفال بأي مناسبة، صاريومها أمرا نادرا في البلاد. ولعله لهذا السبب كنا نحتفل، وكان قد عدّ أيضا، الاحتفال برأس السنة من الكبائر. ولقد احتفلنا بالذات عندما تضيق الحياة، لأن الجمال يسطع، ساعة يكون القبح السيد. و24 ديسمبر يوم الاستقلال مع نهاية العام، وفي البرد وزمهرير الشهر كان الحفل، يمنح دفئا انسانيا، ويوكد رمزية هذا اليوم في حياة الليبيين، من حققوا الاستقلال مبكرا، ودفعوا لأجله ثمنا غاليا، في مواجهة الفاشية الأورُبية/ايطاليا.

أو كما قيل، لم نختر أمهاتنا ولا أوطاننا، ولكننا نختار متى نحتفل بهم، ويوم 24 ديسمبر بالمناسبة، اليوم الذي منح لنا، لكن اخترناه، كما اخترنا أسماءنا، ما كان بالإمكان اختيار غيرها. فكل سنة وأنتم طيبوون، وكل 24 ديسمبر، محتفلون ومجتمعون، على الخير والحب والسلام: 2022.