Atwasat

شهر على اختطاف المناضل الأسمر

عبدالله الغرياني الثلاثاء 06 يوليو 2021, 09:56 صباحا
عبدالله الغرياني

ما زال مصير منصور عاطي المناضل الأسمر مجهولا حتى هذه اللحظة بعد اختطافه على يد مُسلحين داخل مدينة أجدابيا قبل شهر تقريباً في 2 يونيو 2021. م من أمام مقر جمعية الهلال الأحمر.

منصور المغربي من مواليد مدينة أجدابيا 5 يناير 1987 من نشطاء مدينة أجدابيا البارزين ومن أوائل الشباب الذين خرجوا ظهيرة يوم 17 فبراير 2011 للانتفاضة على نظام القذافي واستمر منصور عاطي على هذه الخطوات مدنياً مناضلاً لأجل الحرية والتحرر من القيود مجاهراً بمواقفه الرافضة للاستبداد السياسي والديني الذي تعاني منه بلادنا قبل وبعد ثورة فبراير، وانخرط مبكراً في العمل الإنساني بشبيبة الهلال الأحمر وكان عنوانا للإخلاص الإنساني تجاه المنكوبين من الكوارث الطبيعية والنازحين جراء الحروب والصراعات المسلحة، حتى تولي منصب مدير فرع إدارة جمعية الهلال الأحمر بمدينة أجدابيا ونشط كذلك مدنياً في مؤسسات المجتمع المدني وتولي إدارة فرع مفوضية مؤسسات المجتمع المدني أجدابيا والهلال النفطي.

كان من المتعاونين مع المنظمات المحلية وشريكا مع عدد من المنظمات الدولية وساهم بشكل كبير في إقامة دورات توعوية والإشراف على عدد من المشاريع الصغرى التنموية، وسياسياً كان منصور عاطي ابن إحدى مدارس الشيوعية متأثراً بتشي جيفارا عالمياً وفرج الله الحلو عربياً وغيرهم من قادة شيوعيين وينشر باستمرار اقتباسات منظري الشيوعية كارل ماركس وفريدريك إنجلز، وأخيرا في الفن وضع بصمته الفارقة بإشرافه على إنتاج مسلسل شط الحرية الذي عُرض لثلاثة أعوام آخرها في شهر رمضان الماضي 2021.

منصور عاطي هو ثروة قومية لليبيا ولمدينته أجدابيا فهو مليء بالثقافة والمعرفة وحب الوطن ومتحمس جداً للارتقاء بالشباب وإشراكهم في العمل المدني والسياسي والإنساني، ولكن لحظه التعيس كما هو حظ الكثيرين من الشباب الناشطين، وجد نفسه يتحدى منظومات ومؤسسات القمع والاستبداد التي حاولت وضع القيود على يديه وإسكات صوته في العديد من المناسبات والفعاليات التي أشرف عليها منصور عاطي، آخرها في تجمع شباب الهلال النفطي الذي فشل بعد تدخل إحدى الأجهزة الأمنية بمدينة أجدابيا لإيقافه بسبب وجود بند من بنود الملتقى ينادي بضرورة المصالحة وعودة المهجرين ليجد نفسه في مواجهة التقارير الكيدية والتحريض الذي تعدد مطلقوه عليه حتى وصل لأفراد ينتمون للفكر الديني السلفي الذين جزء كبير منهم يتخذ من المؤسسات الأمنية والعسكرية غطاءً للانتقام من مُعارضيهم.

ورغم كل ذلك كان منصور عاطي ينشط واثقاً من نفسه ومن سلامة نشاطه المدني والإنساني وبتاريخ 31 مايو 2021. محضر لمدينة بنغازي لحضور الاجتماع السنوي للمنظمات الأجنبية وقام بدعوة عدد من رفاقه المقربين لحضور حفل زفافه الذي كان يستعد له في يوم 26 يونيو 2021. م، ولكن أيادي الظلام وأعداء الفرح والسعادة حرموه وحرموا خطيبته من فرحهما الذي كانا يستعدان له هما وأسرتاهما وأقاربهما.

وفي هذه السطور التي أكتبها عن الرفيق المناضل الأسمر الذي مر على حادثة اختطافه وتغييبه شهر كامل أتوجه بالنداء الأخير للسلطات الأمنية والعسكرية بمدينة أجدابيا أو بنغازي بالإفراج عن منصور عاطي فوراً، وإذا تقولون بأنه ليس لديكم ولا تعلمون عنه شيئاً فسلامة منصور ومصيره تبقى مسؤوليتكم وأي مكروه قد يصيبه ستبقون أنتم المسؤولين عنه دون غيركم وسيبقى ملف منصور يكبل أياديكم حتى يخرج لنا سالماً.

القمع والاستبداد مهما طال سوف ينهار ذات يوم على يد جموع المضطهدين وهناك المئات أمثال منصور تم تغييبهم في ظل سيطرة وتأمين المؤسسات الأمنية والعسكرية للشوارع والمدن تحديداً في بنغازي وأجدابيا دون الكشف عن مصيرهم الذي حدث لهم وأين هم الآن، ولكن حتماً سيكون هناك الألاف من أمثال هؤلاء المغيبين الوطنيين في الخارج.

فكلما غيب واختطف شخص سوف يخرج عشرة مثله فهذه هي طبيعية الأرض التي نعيش فوقها ترفض الظلم والاستبداد ولعلهم يعتبرون من الذين سقطوا وانهاروا ودمرت سجونهم قبل عقد من الزمن ومن سنوات قليلة كذلك، لا يمكن تكرار ذات الأمر مع شعب وشباب حسموا أمرهم تجاه هذه الأساليب وإن صمتوا لوقت فلن يصمتوا طوال الوقت، أخرجوا الأحرار من السجون أظهروا لنا نتائج وأسباب اختفائهم وإلا سوف يزداد البركان غليانا حتى ينفجر ذات ليلة أو صباح مهما طال مدى الظلم والاستبداد والطغيان، ومن هنا على كافة الأحرار الاستمرار في الضغط حتى نعرف مصير منصور وغيره من الشباب المناضل الوطني. يجب أن تتعالي أصواتنا وتستمر منادية بالحرية لكافة المختطفين والمغيبين.

دمت بخير يا أيها المناضل الأسمر يا ابن أجدابيا البطل والشجاع، ستبقي، وإن حاصرك الظلام، نوراً يشيع في سماء الوطن وفي عيوننا يا منصور، وإننا على العهد ماضون.