Atwasat

الموقع الطبقي ونفسية الفرد

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 04 يوليو 2021, 10:01 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

أحال إليَّ الصديق محمد خليفة تسجيلا لفقرة من خطاب الزعيم الزنجي الأمريكي المسلم مالكولم إكس ألقاه سنة 1963 يفرق فيه بين نفسية وسلوك زنوج المنازل وزنوج الحقول أو المزارع. خلاصة فكرة الزعيم مالكولم إكس، في هذه الفقرة من خطابه، أن زنوج (خدم) المنازل يختلفون في طبيعة نفسيتهم، وبالتالي سلوكهم، عن نفسية وسلوك زنوج (عمال) الحقول.

فزنوج المنازل يحظون، مقارنة بزنوج الحقول، بحياة مرفهة نسبيا، ويحبون سادتهم ويتفانون في خدمتهم. على خلاف زنوج الحقول الذين يتعرضون إلى العنف والاضطهاد ويرغمون على العمل الشاق. فهم يكرهون سادتهم ويتمنون لهم الموت.

هذه الملاحظة دقيقة وصائبة، وهنا نريد أن ننظر إليها، ليس من زاوية أخلاقية، وإنما من زاوية اجتماعية. أي من منظور طبقي. فما من شك في أن الوضع الطبقي يصوغ، أو على الأقل يوجه، بشكل عام نفسية الفرد، ويؤطر رؤيته إلى العالم وإلى علاقته هو نفسه بالعالم.

وهنا، تبلورت نفسية خدم المنازل على هذا النحو، مع الأخذ في الاعتبار وضع الرفاه النسبي الذي يجعلهم على قناعة بوضعهم المعيشي والحياتي العام، لأنهم لا يشكلون طبقة، أو حتى شريحة اجتماعية من طبقة.

فهم لا يحتلون موقعا في عملية الإنتاج الاجتماعي العام. إنهم أفراد مبعثرون غير متاح لهم التواصل مع بعضهم على نحو واسع بحيث يمكن أن يشكلوا قوة.

هم فئة هامشية تقع على هامش عملية الإنتاج الاجتماعي. على خلاف خدم (عمال) الحقول الذين يشكلون طبقة.

فهم عمال زراعيون أو فلاحيون يساهمون في الإنتاج الاجتماعي العام. هم منتجون. صحيح أنهم ليسوا عمالا بالمعنى التعاقدي القانوني، أي لا يمكنهم ترك أعمالهم والبحث عن العمل في مكان آخر، فهم أسرى في الموقع الذي يُشغَّلون به.

غير أنهم يحتلون موقعا مهما ومؤثرا في نمط الإنتاج الاجتماعي. وتجمعهم الكثيف في الحقول والمزارع يتيح لهم فرصة التواصل المباشر على نطاق واسع وتشكيل شبكة من عمليات الاتصال السرية، ومجمل هذا التواصل ينمي وعيهم بموقعهم المهم، ويتيح فرصة أن يخرج من بينهم قادة ومنظمون يبلورون نضالاتهم ضد القمع والاستغلال.