Atwasat

إشاحة العقل وإغماض العينين

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 28 يونيو 2020, 10:57 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

بعيدا عن المجاز القدحي في عنوان مقال سالم العوكلي "يمضي الجمل ويترك خلفه بعرا" (موقع قناة 218 يوم 23/ 6 الجاري) التي يهاجم فيها رئيس "حكومة الوفاق الوطني" السيد فايز السراج، وبعيدا عن تنصيب نفسي مدافعا عن هذه الحكومة ورئيسها، أريد مناقشة نقطة واحدة محددة، وهي تلك التي جعلت سالم العوكلي لم يتمالك نفسه من الضحك، مثلما صرح. وهو بالطبع ضحك سخرية، وليس ضحك سرور ومرح.

ما أثار ضحك سالم (سخريته) هو انتباهه إلى خبر في شريط الأخبار بقناة آر تي الروسية يقول: "حكومة الوفاق: اتفقنا مع قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا على مواصلة محاربة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في ليبيا". ويبرر لنا سالم ضحكه الساخر هذا بالقول: "ذكرني هذا التصريح المضحك بتصريحات أردوغان وساسته لتبرير احتلالهم أجزاء من شمال سوريا ودفاعهم عن إدلب بكونهم يحاربون الإرهاب، بينما، في الواقع، جميع الإرهابيين في سوريا تجمعوا في إدلب تحت حماية القوة التركية، مثلما تجمع كل إرهابيي ليبيا ومجالس شورى المجاهدين في طرابلس وضواحيها تحت حماية ميليشيات حكومة السراج المحمية بقوات تركية"

لا يعنيني في شيء تصريح آردوغان الذي استدعته ذاكرة سالم، ولكن يعنيني المصدر، أو المصادر التي استمد منها سالم معلوماته حول "تجمع كل إرهابيي ليبيا ومجالس شورى المجاهدين في طرابلس وضواحيها تحت حماية مليشيات حكومة السراج المحمية بقوات تركية". وإلى أن يفيدنا سالم بمعلومات موثوقة (أو على الأقل مرجحة) نريد أن نذكره بمسألتين يبدو أنه أشاح عنهما بعقله.

المسألة الأولى، أن القوات التي طردت مقاتلي داعش الذين كانوا يحتلون مدينة سرت ويتمركزون فيها (مدينة سرت التي يصيح البعض الآن أنها خط أحمر) هي قوات "البنيان المرصوص" التابعة إلى حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها السيد فايز السراج. فهل من المعقول أن تخوض هذه القوات حربا ضارية ضد مقاتلي داعش في سرت، وتستقبلهم بالأحضان في طرابلس؟!. إلا إذا كان سالم يستثني مقاتلي داعش من "كل إرهابيي ليبيا". إن الإصرار على امتلاء طرابلس بالجماعات الإرهابية يأتي في إطار التعبئة النفسية للهجوم على طرابلس واحتلالها.

المسألة الثانية، أن القوات الضاربة في الجيش الذي يتحرك بإمرة المشير خليفة حفتر، هي قوات "بول البعير" والأرض المسطحة، أي أتباع الحركة الوهابية الذين يموهون على انتمائهم هذا بتسمية أنفسهم "السلفيون". ومن المعلوم أيضا أن السلفيين (= الوهابيين) يسيطرون على "الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية" التابعة لها "الحكومة المؤقتة)، وليس العكس.

أنا أعتقد أن الإنصاف يلزم كل معادٍ لتدخل دول وأطراف أجنبية في بلده المصاب بحرب أهلية، بإدانة هذه التدخلات كافة، ولا يدين الدول والأطراف المتدخلة لصالح الطرف الذي يعاديه فقط، ويتغاضى عن الدول والأطراف الداعمة للطرف الذي يناصره.