Atwasat

الناتو يعود من جديد للملف الليبي

رأفت بالخير الأربعاء 20 مايو 2020, 03:43 مساء
رأفت بالخير

أصوات الصواريخ والقذائف لم تصمت منذ الرابع من أبريل 2019 في غرب ليبيا، ويبدو أنها بدأت تزعج جيران ليبيا على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، الذين إما اصطفوا مع أحد أطراف الحرب الأهلية المدعومين إقليميا أو وقفوا موقف المراقب من بعيد خلال هذه الحرب الأهلية.

موقف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبيرغ –المفاجئ- في مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية الخميس 14 مايو الجاري، جاء ليعبر صراحة عن استعداد الحلف لتقديم الدعم لحكومة الوفاق الوطني الليبية – المعترف بها دولياً- في طرابلس، رغم تأكيده في نفس الحوار الصحفي أن هناك تباينا في مواقف أعضاء الحلف حول قضايا عدة ومن بينها القضية الليبية مؤكدا، في ذات الوقت، أن الحلف يدعم جهود السلام في ليبيا التي ترعاها الأمم المتحدة.

وبعد يوم واحد من هذا التصريح، جرت مكالمة هاتفية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان– الذي تدعم بلاده حكومة الوفاق الوطني الليبية بشكل علني- وأمين عام الناتو ستولتنبيرغ يوم الجمعة 15 مايو الجاري أكد فيها الأخير موقف الحلف المتوازن من ليبيا والاستعداد لتقديم المساعدة للدولة الليبية إذا جاء طلب من حكومة الوفاق الوطني، وفقا للبيان الصادر عن دائرة الاتصال بالرئاسة التركية.

الموقف التركي الداعم لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا كان واضحا منذ انطلاق الهجوم الذي شنته قوات الجيش الوطني الليبي على طرابلس في أبريل 2019 والذي أظهر رفضاً قوياً لهذا الهجوم، وتحول هذا الموقف إلى تدخل مباشر بتوقيع مذكرتي التفاهم حول التعاون الأمني وترسيم الحدود البحرية بين حكومة الوفاق الوطني الليبية والحكومة التركية، حيث أرسلت تركيا معدات عسكرية ومقاتلين سوريين إلى ليبيا، وفقا لتقارير دولية وباعتراف ضمني من المسؤولين في حكومة الوفاق الوطني.

الاهتمام المتزايد بالأزمة الليبية، على هذا النحو من الناتو لم يتوقف عند هذا الحد، فمع تواصل سقوط الضحايا المدنيين نتيجة للقصف الذي تتعرض له الأحياء السكنية والبنى التحتية في العاصمة الليبية وغيرها من المدن، أكد ستولتنبرغ لرئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج أن الحلف يعتبر حكومة الوفاق الوطني هي الحكومة الشرعية ولا يتعامل مع غيرها، معتبرا أن استهداف المدنيين والبنى التحتية يعد أمرا غير مقبول، وأنه لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية، مؤكداً على ضرورة الالتزام بمخرجات برلين، وهذا نقلا عن بيان حكومة الوفاق يوم 16 مايو الجاري.

موقف الناتو الجديد يأتي في وقت تحتد فيه التصريحات بين الداعمين الإقليميين للأطراف الليبية ما ينبئ بمزيد من التصعيد الذي قد يُحدث شرخا داخل الحلف العسكري الأكبر في العالم، فنجد فرنسا واليونان تقفان ضد تركيا في هذا الصراع، الذي يبدو أنه بعد آخر للصراع حول شرق المتوسط الغني بالموارد الطبيعية، والذي تسعى روسيا للعب دور فيه يحاصر رغبة أوروبا في الاستغناء عن الغاز الروسي أو تقليل الاعتماد عليه على أقل تقدير.

موقف الناتو لا يمكن عزله عن زيادة المخاوف لدى الولايات المتحدة زعيمة هذا الحلف من تعاظم التدخل الروسي في ليبيا لصالح قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، ففي لقاء مع صحيفة القدس العربي يوم السبت 16 مايو الجاري قال السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند - في إجابة حول الدور الروسي في ليبيا- إن هناك ما يقارب 2000 من مرتزقة شركة فاغنر الروسية - المقربة من الكرملين- في ليبيا، وهذا ما أكدته أيضا تقارير الأمم المتحدة حول ليبيا.

هذا التواتر السريع في التصريحات من المسؤول الأول في حلف شمال الأطلسي حول ليبيا يبدو أنه استشعار لخطر العدو اللدود التقليدي لهذا الحلف – روسيا- على شواطئ جنوب المتوسط، ويبدو أنه استكمال لما بدأه الحلف في عام 2011 بعد أن ساهم بشكل أساسي في الإطاحة بنظام القذافي بعد ثورة شعبية قمعت بالسلاح في ذلك العام.